في اليوم الوطني للسلطنة.. العلاقات السورية- العُمانية روابط متينة وعلاقات ذات أُسس تاريخية عريقة
تشرين:
تحتفل سلطنة عمان اليوم بعيدها الوطني الـ54 وهي تحافظ على ثوابت سياستها الخارجية بتغليب الحوار والتزام مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، وتتابع مسيرة النهضة التي أطلقها سلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد في عام 1970 ويواصلها السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد باستكمال بناء الدولة الحديثة ضمن رؤية (عُمان 2040).
ومازالت السلطنة تؤكد على رؤاها الثابتة إقليمياً ودولياً، إلى جانب تعزيز العلاقات مع كل الدول وخاصة الدول العربية ودول الجوار وتبادل الاحترام والود بينها لاسيما على الصعيد السياسي.
إنَّ سلطنة عُمان والجمهورية العربية السورية تربطهما علاقات متميزة، وتربط الشعبين الشقيقين روابط متينة وراسخة، وعلى مدى عقود من الزمن توطدت العلاقات وتجذرت بين الجمهورية العربية السورية وسلطنة عُمان، ومازالت هذه العلاقات مستمرة حتى الآن بفضل توجيه القيادتين السياسيتين في كلا البلدين، لكون العلاقات السورية – العُمانية في أساسها تستند إلى أُسس تاريخية عريقة ومُحافظة على قواعدها الأساسية المبنية على الاحترام والصدق والمحبة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين ونظرتها الخيّرة لمصلحة الشعبين الشقيقين، ولقد كان للقيادة السياسية لسلطنة عمان ممثلة بشخص السلطان هيثم بن طارق دور مشرف على الصعيد السياسي بوقوفها إلى جانب سورية خلال الحرب العالمية التي شنت عليها.
ويعود تاريخ العلاقات السورية – العُمانية إلى عام 1970، لكنها تجذرت وتعمقت في عام 1987، عندما تم افتتاح السفارة السورية في مسقط والسفارة العُمانية في دمشق في آذار 1988، وكانت هذه بداية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، عندها شهد نطاق التعاون المشترك بين البلدين تطوراً ملحوظاً في عام 1999 بالتوقيع على أول اتفاقية في المجالين الثقافي والتعليمي، تم بموجبها قبول الطلاب السوريين في الجامعات العُمانية وقبول الطلاب العُمانيين في الجامعات السورية.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأت السلطنة تؤدي دوراً ريادياً في المنطقة العربية، ورفعت شعار «السلم والتعاون مع الجميع من دون استثناء أحد»، لا سيما دول الجوار، وقد سار السلطان هيثم بن طارق على هذا النهج منذ تسلمه السلطة في 2020.
صحيح أن السلطنة لم تكن الدولة العربية الوحيدة التي احتفظت بعلاقاتها الدبلوماسية مع سورية، إلا أنها كانت متقدمة في مواقفها على بقية الدول في التعاطي مع سورية، وعلى مستويات عليا، وفي المجالات كلها، السياسية منها والاقتصادية، ولم تغلق السلطنة سفارتها في دمشق، وفي عام 2015، وهو العام الذي شهد ذروة الحرب العالمية على سورية، عندها أرسلت سلطنة عمان وزير خارجيتها إلى دمشق، وعام 2021 كان السلطان هيثم بن طارق أول زعيم خليجي يهنئ السيد الرئيس بشار الأسد بإعادة انتخابه.
العلاقات التجارية بين سلطنة عُمان وسورية بالرغم من تواضع حجم التبادل التجاري إلا أنَّه شهد في الأعوام من 2018 – 2022 تحسناً ملحوظاً، حيث بلغت الزيادة السنوية للتبادل التجاري خلال هذه الفترة حوالي 18 بالمئة في المتوسط، مع وجود إمكانات واسعة وفرص كبيرة لزيادة التبادل التجاري بين البلدين سواء في مجال السلع أو الخدمات، مع تطلعات إلى رؤية المزيد من الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، والتي تسهم في تنويع مصادر الدخل، وإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين، خاصة أنَّ البلدين وقَّعا على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات في اجتماعات الدورة الثالثة للجنة السورية – العُمانية المشتركة التي عقدت في دمشق عام 2005، وبدأ سريانها ودخولها حيز التنفيذ الفعلي بعد المصادقة عليها من الجانبين في شهر أيار 2006.
وفي العام الماضي تمَّ توقيع 3 مذكرات تفاهم بين البلدين، وبرنامج تنفيذي في مجال الإعلام، حيث تأتي المذكرة الأولى والبرنامج التنفيذي في مجال الإعلام بهدف توثيق وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين في هذا المجال، والمذكرة الثانية في مجال تنمية المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف تطوير الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية وتشجيع الاستثمار على صعيد المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التعاون الثنائي بين المؤسسات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، في حين جاءت المذكرة الثالثة بشأن الاعتراف المُتبادل بشهادات الكفاءة والأهلية للبحارة، وذلك بهدف الاعتراف المتبادل بنظام التعليم والتدريب البحري بين الجانبين.
وعلى الصعيد الاقتصادي فإن العلاقات بين البلدين تنمو نحو مزيد من التطور، خاصة بعد تأسيس مجلس الأعمال السوري- العُماني المشترك الذي فتح الباب أمام تبادل الفرص الاستثمارية لرجال الأعمال في البلدين.
وفي مجال التعاون الثقافي، فقد شهد قفزةً نوعية في الأعوام الماضية، من تشجيع الاستثمارات المشتركة والترويج السياحي، كما لعبت السلطنة دوراً مهماً في استعادة سورية قطعاً أثرية نفيسة كانت قد هرّبت خارج البلاد خلال الأزمة، أما الجانب الأبرز في هذا التعاون فكان في مجال التأريخ الشفهي الذي ترعاه مؤسستا «وثيقة وطن» السورية وهيئة التراث والوثائق الوطنية العمانية.