لص صامت.. الذكاء الصنعي ثورة غيّرت قواعد اللعبة!
تشرين- إلهام عثمان:
من أبرز الظواهر المثيرة لاهتمام الجيل الصاعد في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، الذكاء الصنعي، الذي أصبح جزءاً أساسياً في مؤسساتنا وشركاتنا وجامعاتنا، وهو يمثل أداة قوية لتحقيق الابتكار والنمو، إلا أن ما يحير عقولنا، هو هل يمكن أن يتجسد ما نراه في الأفلام على أرض الواقع، حيث يتحول الذكاء إلى أداة للسيطرة على البشرية.. بدلاً من خدمتها؟
مفهوم الذكاء الصنعي
في هذا السياق، ذكرت الباحثة الاجتماعية والنفسية د. سلوى شعبان خلال حديثها لـ”تشرين”، أن الذكاء الصنعي هو مجال من علوم الكمبيوتر الذي يهدف لتقليد الذكاء البشري في حل المشكلات المعقدة، فيقوم بأداء مهام بشرية بشكل أكثر كفاءة ودقة، ولا يقتصر دوره على الصناعات فقط، بل يتغلغل في كل جوانب الحياة، بما في ذلك القطاعات الطبية والهندسية، ويعد من أهم التقنيات الحديثة التي تسهم بالتطور وزيادة فرص الابتكار والنمو والتقدم، ويعمل على المشكلات المعرفية المرتبطة عادة بالذكاء البشري، فله دور في رفع الجودة والإمكانات وكفاءة الأعمال وتحسين الإنتاجية، حيث تكمل الآلة مهمة بشرية معقدة وبكفاءة عالية، مبينة أن الذكاء الصنعي يتم صنعه وتحويله من صيغة إلى أخرى.
وأوضحت شعبان أنه يتغلغل في مجالات عدة، مثل المصانع أو المركبات الصناعية، لافتة إلى أن الآلة تتظاهر بالذكاء من دون وجود صفة الذكاء فيها، فالروبوت يخرج القرار المنطقي من داخله أي يصطنعه وليس من الإنسان الذي صنعه.
إيجابيات
من أكثر إيجابيات الذكاء الصنعي، وفق رأي شعبان، أنه يستخدم في مجالات العمل “الخطرة” بغية حماية الإنسان من مخاطر المهن الصعبة، كالمفاعلات والمخابر الكيميائية الخطرة، إذ يقلص مستوى الأذية والإصابات والأخطاء البشرية المحتملة ويحد منها، كما يعمل بلا كلل أو ملل، فينتج كميات كبيرة وبأقل الجهود والوقت مع اختصار للتكاليف، ويقدم خدمات متنوعة لدور العجزة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات المتعددة.
كما أشارت شعبان إلى أن نتائج (الروبوتات) وصلت إلى أعماق المحيطات ودهاليز الأرض وتجاويفها، كالمناجم ودراسة جوف الأرض وللفضاء، لتجري أبحاثاً، (فهناك روبوت موجود على سطح المريخ حالياً)، لا سيما أن أدواته تعد قوة دافعة وراء الاكتشافات والابتكارات في المجال الهندسي والبيئي والطبي، فأدق العمليات الجراحية للدماغ والقلب تجرى عن طريقه، كما يساعد في تحليل بيانات المرضى لإيجاد خطط علاجية ناجحة، وله دور في اكتشاف سرطان الثدي في مراحله الأولى، مشددة على أن أفضل ما يميز الذكاء (العقلانية) في إصدار القرارات بعيداً عن المشاعر والعاطفة، وهو المطلوب في عالم الأعمال، وذلك بهدف الحد من الواسطات والمحسوبيات.
سلبيات
أما عن سلبيات الذكاء الصنعي، فقد أوضحت شعبان أن هناك عدة نقاط تتجلى بتكاليفه المرتفعة أولاً، لأنه يحتاج إلى العمل على أحدث البرامج والتحديثات ليظل ملبياً للاحتياجات المطلوبة، فهو ذكاء فاقد للإبداع، لا يستطيع تعلم التفكير خارج الصندوق فقط من خلال البيانات التي يتغذى بها، وقد يتسبب بالبطالة بسبب الاستغناء عن العنصر البشري، والاتكالية عليه بشدة من الأجيال الصاعدة قد تؤدي إلى الإدمان، كما يسبب تدهوراً بالصحة النفسية لمن يعملون في أماكن تعتمد التكنولوجيا بكل تفاصيلها، وبالتالي يترك الموظفين بعزلة تامة عن المجتمع، إضافة إلى انعدام الخصوصية الشخصية والتفكير والإبداع، فهناك اختراق واضح لكل ملفات التليفونات من صور ومعلومات، والقضاء على الإبداع والابتكار من خلال تهديد السلامة العقلية للأطفال والمراهقين، أما أخطر سلبياته فهي مقدرة الروبوتات على تطوير ذاتها وتجاوز أوامر صاحبها ومستخدمها (يعطي الجواب بوقاحة وجرأة)، فهو لا يمتلك مشاعر الإنسان لكونه لصاً صامتاً، محذرة من الروابط التي تتلاعب بعقولنا وملامحنا.
وختمت شعبان: الذكاء الصنعي يتطلب توازناً بين الاستفادة من إمكانياته المتعددة وتجنب مخاطره، لذا علينا العمل على تسخيره كأداة للابتكار والتقدم، مع ضمان توجيهه نحو هدف تحسين حياتنا بدلاً من تعقيدها.