من دمشق… هنا غزة محنة الأدب حيث «المنافحة» لحماية الذاكرة الفلسطينية
تشرين- وصال سلوم:
عانت غزة من مأساة الحصار منذ العام 2007، وشمل مختلف المجالات ومنها الثقافة، حيث منع عدد كبير من المثقفين من المشاركة في فعاليات ثقافية خارج غزة.
وعانوا من ضعف التواصل مع محيطهم الخارجي ومع محدودية النشر وحركة الطباعة.
وجاءت حرب الإبادة البشرية على غزة لتستهدف كل أسباب الحياة وتلقي حممها على كل من يدعو إلى ثقافة الصمود والثبات فلم يبقِ القصف مدرسة أو مكتبة أو مركزاً ثقافياً إلا ودمره بشكل كامل أو جزئي، ليمحو البنية التحتية الثقافية.
ورغم هول الأحداث واستشهاد عدد كبير من المبدعين إلا أن جيلاً من المثقفين والفنانين المقاومين، برز في غزة يكتب من مسافة (صفر) ويوثق للممارسات اليومية التي يعيشها الفلسطيني في غزة، وفي هذا الإطار يتابع المركز الثقافي العربي- أبورمانة في دمشق مفرزات الشارع الثقافي الغزاوي ويسلط الضوء عليها بندوات حوارية كان آخرها أمسية أقيمت في صالته يوم أمس، والأمسية القصصية كانت للأديب عبد الله التايه، الأمين العام المساعد للاتحاد العام للأدباء والكتّاب الفلسطينيين ضمن فعاليات أدباء غزة في دمشق، والذي بقي صامداً في غزة.
أدار الأمسية الناقد الأدبي أحمد هلال وقرأ بالتناوب بعضاً من قصص الأديب التايه كل من:
محمد أبو شريفة بعنوان (صباح العيد في غزة)، وجاء فيها : “ساعات قليلة مرَّت على صباح العيد الهادي، عادت الزَّنانة تدوي في السَّماء بصوت موحش ينذر بانفلات كلِّ شيء، وبدأت تأتي الأخبار السَّيئة بأنه لا تجديد للتهدئة، تقلَّصت مساحات الأمل، زادت مساحات الخوف على وجوه الأطفال والناس، سارع النَّاس إلى بيوتهم، قطعوا زيارات العيد على استعجال قبل أن يتجدَّد القصف، كثيرون سارعوا إلى بيوتهم، وآخرون سارعوا إلى مراكز الإيواء في مدارس وكالة الغوث الدوليَّة التي فتحت مدارسها للفارين من المناطق الحدوديَّة، أو الذين دمرت منازلهم ولم يعد لهم مأوى، حيث كان تلاميذ المدارس في بداية إجازاتهم الصّيفيَّة”.
وقرأ محمد حسين قصة بعنوان (عين الكاميرا) حيث كتب الراوي:” في مخيم رفح اختلطت كلُّ الأشياء بمياه المطر، وبرودة الطقس، وتحوَّلت حرارة الحرب والتدمير والرصاص إلى صقيع لفَّع الأجساد، وأظهر سير الأحداث تحجر قلوب سائقي الدَّبابات والطائرات. رجل في حوالي الثلاثين من العمر أسند ركبته أرضاً، أمسك بآلة التصوير معتلياً قمة جبل من ركام المنازل التي دمرتها الجرَّافات… أحسست به يتمزَّق وهو يرى عمق الحقد، وهوس التدمير. شعرت بحرارة جسده الذي التهب جراء ما يرى من وقائع لم يكن ليصدقها يوماً لولا هذه الآلة؛ التي أيقنت أن تمسكه القويّ بها إنَّما هو دليل على إدراكه أنَّها وحدها الحقيقة، وأنَّ الصُّور المطبوعة في ذاكرتها لن تترك مجالاً لسائقي الجرَّافات للكذب، وتشويه الواقع، وصناعة الحدث كما يريدون لا كما يفعلون”.
د. حسن حميد المشرف على أكاديمية دار الثقافة أكد أن عدد الأدباء في غزة الآن يتراوح بين 200 إلى 300 كاتب منتمين الى اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وهم أصحاب نشاط أدبي وروائي، وأضاف إن غزة مكان صغير بالمساحة ولكنها مكتنزة بالثقافة وبمختلف ألوانها، وخلال العام الماضي أقاموا المهرجانات الثقافية التي شملت السينما والتراث الشعبي والأغنية لذلك نحن هنا لنقرأ عنهم لأن لديهم الكثير.
كما تم عرض فيديو يتحدث عن الكاتب نفسه وعن حال قطاع غزة هذه الأيام.
وفي ختام الأمسية، تم فتح باب النقاش والحوار وتحدث الحضور بشجن عن هذه المقتلة الفلسطينية وأجمعوا على أن الحرب ستنتهي يوماً ما ولن يبقى منها سوى الأدب الذي سيكتب عنها.