شقاء وبؤس العائدين من يبددهما؟ الدعم الدولي ضرورة ملحة لترميم المنازل وتدبر شؤون المعيشة
تشرين – وليد الزعبي:
لم تفارق علامات الشقاء والبؤس وجوه أولئك العائدين من لبنان نتيجة الحرب المجنونة التي يشنها الكيان الصهيوني عليه، حيث غادروا على وجه السرعة وتحت القصف، فلم تسعفهم الظروف أن يتمكنوا حتى من لملمة أشيائهم الخاصة، ودخلوا البلاد متجهين إلى مدنهم وبلداتهم، ولولا استضافة المجتمع المحلي للكثيرين منهم لما وجدوا مكاناً يأوون إليه، وخاصةً أن بعضهم ليس لدية بالأصل منزل، ومن لديه منزل فهو بحال يرثى له نتيجة الأضرار التي لحقت به خلال السنوات الفائتة، ويحتاج إلى مبالغ طائلة حتى يتم ترميمه وإعادة تأهيله وتأثيثه، الأمر الذي يحتم ضرورة تقديم مساعدات دولية داعمة لهم، بيد أن الإمكانيات المتاحة لدى الحكومة السورية لا تتيح تحمل مثل تلك الأعباء الكبيرة.
ثمة غصة لم تخبُ بالرغم من محاولة (أم أحمد) إخفاءها وهي تتحدث عن ضيق حالها وأسرتها، حيث عادوا من لبنان بالثياب التي يرتدونها فقط، ولا مدخرات مالية لديهم يمكن أن ينفقوها على ترميم منزلهم وتزويده بالأثاث والتجهيزات الكهربائية المطلوبة، وناشدت المنظمات الدولية بالتدخل العاجل وتقديم الدعم اللازم الذي يمكنهم من إعادة ترتيب شؤون حياتهم من جديد.
وبدا (أبو محمد) حائراً مرتبكاً أمام مسؤولياته الكبيرة تجاه أسرته، فهو غير قادر على استئجار منزل لهم، فيما بقاء الاستضافة لدى الأقارب محرج إذا استمر طويلاً، حتى إنه ممتعض من عدم إمكانية إيجاد عمل يمكن أن يحقق دخلاً يغطي متطلبات معيشة أسرته المكونة من سبعة أشخاص، وتساءل: أين هي جهات الإغاثة الدولية؟ ولماذا لم تبادر إلى الآن بدعم الحكومة السورية لتمكينها من مؤازرة الأسر العائدة لجهة المسكن والمعيشة؟
بدوره عبّر (أبو مهند) عن شكره للتسهيلات التي قدمتها الجهات المعنية بتوجيهات من الحكومة السورية على الحدود، ورعايتها الصحية لأفراد الأسر العائدة وتقديم المعونة الطارئة لهم، لكنه لفت إلى أن هذا التدخل الإسعافي لا يكفي، ولا بد من مساعدات تمكن من تأهيل البيوت المتضررة والبدء بمشروعات صغيرة تتيح دخلاً يغطي نفقات معيشة الأسر، وهذا ما يستدعي المنظمات الدولية أن تأخذ دورها الإنساني بتقديم المساعدات الكافية والوافية لتمكين العائدين من بدء حياتهم من جديد.
من جهته رئيس بلدية بصر الحرير أيمن الحريري ذكر أن عدد العائلات الوافدة من لبنان إلى بلدتها بصر الحرير بلغ ٣٣٤ عائلة، وبعضها راجعت فرع الهلال الأحمر واستفادت من حصص الإيواء، لكن غيرها ممن لا يحمل أفرادها وثائق بسبب الدخول والخروج غير الشرعي من الحدود لم تحصل على أي مساعدة، ويتم التواصل بهذا المنحى حالياً للمعالجة.
وأشار إلى أن هناك صعوبة في تأمين السكن للعائدين، وذلك لوجود منازل متضررة لم يتم ترميمها، حيث تسبب ذلك بأن ثلاث عائلات مثلاً تقطن في منزل واحد، أي كل أسرة في غرفة، وهو أمر لا يعقل استمراره، وقد اطلع الهلال الأحمر على هذا الواقع.
وبيّن رئيس البلدية أن حوالي ٣٠٠ منزل بحاجة للترميم والتأهيل، كما توجد عدة مدارس تحتاج إلى تأهيل جزئي لاحتواء التلاميذ والطلاب من أبناء الأسرة العائدة من لبنان، خاصةً أن عددهم أصبح حوالي ٥٠٠ تلميذ وطالب موزعين حالياً على مدارس البلدة المستثمرة، ما أدى إلى حدوث تزاحم وضغط كبير في صفوفها، وقد يؤثر هذا إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه سلباً على التحصيل الدراسي لأغلبية الطلاب، لافتاً إلى أنه تمت المطالبة بـ”كرفانات” كحل إسعافي لاستيعاب الطلاب ريثما يتم تأهيل المدارس المتضررة.
وتطرق رئيس البلدية إلى تكاتف المجتمع الأهلي مع العائدين، حيث قام باستضافة الكثيرين منهم، كما قدم بعض المستلزمات من فرشات وحرامات لمن سكنوا بمنازلهم، حيث إن معظمها خاوية، كما أثنى على التنسيق والتعاون مع مختلف الجهات المعنية لجهة تأمين ما أمكن من احتياجات العائدين الطارئة، لكنه بالمقابل أشار إلى محدودية الإمكانيات المتاحة التي تتطلب من المجتمع الدولي التدخل لرفع الحصار والعقوبات الجائرة عن البلاد، وتقديم المساعدات من المنظمات الدولية لتمكين الحكومة السورية من تكفل هذه العائلات وتأمين متطلباتها لجهة تأهيل المنازل وتأثيثها أو جهة المستلزمات المعيشية.