إسقاطات قاسية للسياسات العالمية في «ديارنا».. مؤتمر في دمشق يلامس بجرأة تحديات الأمن الغذائي
تشرين: بادية الونوس- منال الشرع:
لم يميز البرنامج الوطني التنموي في سورية مابعد الحرب في أهدافه بين الريف والحضر، إلا أن مسألة التنمية الريفية المستدامة تبقى متعلقة بمدى نجاح الجهات المعنية باختيار المشاريع وعدالة توزيعها ومعايير الحاجة بين الريف والحضر، والمقدرة على التعامل مع مفردات أهداف التوازن التنموي.
تلك نقاط تناولتها الدكتورة عفراء سلوم عميد كلية الهندسة الزراعية في كلمتها خلال افتتاح مؤتمر الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في قاعة رضا سعيد في جامعة دمشق اليوم.
تعزيز الأمن الغذائي
ولفتت د٠ سلوم، ان من أحد أهداف التنمية المستدامة القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة، مشيرة إلى قيمة الإنتاج الزراعي والمساحة المخصصة للزراعة المنتجة والمستدامة في سورية انخفضت من53, 5% عام ٢٠١٠ إلى 68. 4% عام ٢٠٢١.
وتحدثت د.سلوم عن معوقات تحقيق هذا الهدف كان بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل حاد، وخاصة الأسمدة والمحروقات وضعف القدرة على استخدام التقنيات الحديثة ذات التكلفة المرتفعة وهجرة الفلاحين من الريف بسبب تداعيات الحرب.
تكافل وجهود لدعم مشاريع التنمية المستدامة.
رئيس مجلس إدارة شركة EMBS GROUP المهندسة إسراء حمدان، بينت أنه يعتبر هذا الملتقى الأول بين المنظمات الدولية والشركات الصناعية، الهدف منه دمج وتكافل الجهود لدعم مشاريع التنمية المستدامة وتحقيقها والقضاء على شعور الفقر في سورية.
من جهتها، مديرة مركز ضمان الجودة الدكتورة أميرة نور لفتت إلى أن ملتقى اليوم تميز بمشاركات الطلاب لمشاريعهم والأبحاث التي يقدمونها لدعم مفهوم التنمية المستدامة والأمن الغذائي.
الزراعة الذكية مناخياً
وتناول لمؤتمر عدة محاور، منها الزراعة الذكية مناخياً لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي. إذ تحدث الدكتور حسين المحاسنة الأستاذ في قسم المحاصيل الحقلية في كلية الهندسة الزراعية خلال مشاركته بورقة عمل عن التغيرات المناخية، وأسبابها وآثارها ومفهوم التكيف مع المناخ، وواقع التنمية المستدامة والأمن الغذائي بالإضافة إلى مفهوم الزراعة الذكية مناخياً، وأهم الشروط التي يجب توفرها للتكيف مع المناخ في القطاع الزراعي بما يخص الإنتاج النباتي، والإنتاج الحيواني.
أيضاً تضمن هذا المحور مشاركة للدكتور عبد الله الغريب “مشارك” من الكويت، الذي أكد أهمية استنباط أفكار جديدة وإيجاد حلول فعالة بموازاة مشاركة الشباب في صياغة استراتيجيات فعالة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وتضمنت محاور المؤتمر موضوع التصنيع الغذائي ومشاريع المنظمات في زراعات الأغذية، الذي أكد أهمية الالتزام بمعايير الجودة وشروط السلامة، وأيضاً استحوذ موضوع الأمن الغذائي وسياساته على الحيز الأكبر من برنامج المؤتمر، حيث تم عرض أوراق عمل تتعلق بالاقتصاد الغذائي والتنمية المستدامة. وتم عرض تجارب شركات في تحقيق سلامة الغذاء.
الأمن الغذائي العربي هش بسبب تحكم السياسات العالمية
من أهم الموضوعات التي يجب أن تحظى باهتمام كل الجهات المعنية هو موضوع الأمن الغذائي، الذي أكدت عليه مؤتمرات دولية بأهمية توفير الغذاء وحثت الجهات المعنية بالتأكيد على أهميته والحفاظ على استمراريته وديمومته.
وعلى هامش أعمال المؤتمر أجرت “تشرين” عدداً من اللقاءات: حيث الدكتور موسى عبود (كلية الهندسة الزراعية ) على أهمية الأمن الغذائي لكل سكان الأرض ويجب أن يتاح للجميع، وألا يستخدم كسلاح أو ورقة ضغط.
وأضاف د. عبود، للأسف في الوطن العربي لم نصل إلى تحقيق الأمن الغذائي المطلوب، وما زال يعدّ هشاً بسبب تحكم السياسات العالمية بهذا الأمر، ومن وجهة نظره يمكن أن نكون قادرين على تحقيقه ذاتياً من خلال إنتاج الاكتفاء الذاتي، وتالياً أن نكون مستقلين بالقرار، يمكن من خلال ذلك تحقيق الأمن الغذائي.
ويرى د. عبود أن الفجوة الغذائية على مستوى الوطن العربي كانت في الماضي بحدود ١٦ مليار دولار، حالياً تجاوزت ٢٠ مليار دولار، وهذا له مؤشر واحد أن الأمن الغذائي في وضع حرج في الوطن العربي ككل، وبحاجة ماسة إلى وضع سياسات للمحافظة على الموارد المحلية .
وفيما يتعلق بسورية في فترة ما بين ١٩٩٠-٢٠١٠ بين أنها كانت تعد من أفضل الدول العربية وبقدرات ذاتية استطاعت تحقيق أمن غذائي بدرجة جيدة، لكن حالياً وبسبب الظروف الراهنة وفي ظل الحصار الجائر تراجع أمننا الغذائي، مؤكداً في الوقت ذاته أنه إلى الآن لا يوجد نقص بالموارد الغذائية، وما زلنا نصدر الخضار والفواكه رغم كل الظروف المحيطة لم نصل إلى حد الفقر وفق تعبيره.
تبسيط إجراءات التصدير
أكد أحمد عرب (مدير تنفيذي لشركة غذائية) أكد أهمية عقد هذا المؤتمر الذي يعد فرصة لاستقطاب المزيد من الفرص الاستثمارية، التي ترغب في التصنيع الغذائي السوري لتميزه بالجودة والمعايير والسلامة.
وأشار إلى أن سورية تعد من الدول المصدرة للصناعات الغذائية للمزايا التي تتميز بها المنتجات، بالمذاق المميز وحرفية التصنيع، داعياً المستثمرين للاستفادة من مزايا التصنيع، وهي عديدة، منها قرب الأراضي الزراعية من أماكن التصنيع، وكذلك الخبرات العريقة الموجودة.
كما دعا للعمل على تذليل المعوقات واستقطاب المستثمرين من خلال توفر مقومات التصنيع، أبسطها تأمين المحروقات ،وتسهيل إجراءات التصدير وإيجاد بيئة تشريعية أكثر مرونة.