«ثاد» وما بعدها و«نقطة الصفر» التي تعمل لمصلحة المقاومة اللبنانية.. هل يخطط الكيان الإسرائيلي لـ ” ردّ ما” في يوم الانتخابات الأميركية أو عشيتها؟
تشرين – مها سلطان:
هل يمكن وضع احتمال بأن يكون الكيان الإسرائيلي في وارد توقيت رده المحتمل على إيران في يوم الانتخابات الأميركية أو عشيته؟
الاحتمال وارد، وذلك في مسعى إسرائيلي لإحداث أخطر فوضى ممكنة في الإقليم وبما ينعكس على المشهد الانتخابي الأميركي توتيراً وإرباكاً يقلب مسار النتائج وما بعدها، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية يدفع الولايات المتحدة نحو قرار عاجل متعجل يريده الكيان الإسرائيلي ويعمل عليه منذ أشهر.. أو ربما هناك ما بات متفقاً عليه فعلياً فيما يخص الرد، وبشكل خاص توقيته، وذلك في سبيل تحصيل هدفين: الأول متعلق بالرد وحجمه ومستواه (وجغرافيته). والثاني متعلق بالتوقيت. ومع ذلك فإن بقاء أسبوعين فقط على يوم الانتخابات الأميركية يجعل من الرد الإسرائيلي خطراً في أي يوم يقع، الفارق فقط أن هذا الخطر يصبح أكبر وعاجلاً وداهماً إذا ما وقع في يوم الانتخابات أو اليوم الذي قبله.
ومع بدء وصول قطع من منظومة «ثاد» الدفاعية الأميركية، فإن الاحتمالات والتركيز يتوسع حول توقيت الرد الإسرائيلي، لناحية أن الكيان بات جاهزاً للرد الإيراني المفترض بعد الرد الإسرائيلي.
ومع افتراض أن المنظومة تحتاج عدة أيام لتكون جاهزة فإن الاحتمالات تتجه نحو رد أقرب في توقيته ليوم الانتخابات الأميركية.
الكيان يحتاج إلى قلب مشهد الانتخابات الأميركية بصورة أكبر لمصلحته لذلك قد يكون رده المرتقب ضد إيران إما في يوم الانتخابات الأميركية أو عشيته
وأيضاً مع افتراض أن ملف إيران بات يأخذ حجماً متزايداً على الساحة الأميركية ليتحول إلى ملف دسم بزعم وجود مؤامرة إيرانية لاغتيال المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فإن هذا يجعل كل الاحتمالات مفتوحة لتطورات أكثر سخونة تنعكس مباشرة على ميدان المنطقة، خصوصاً إيران، في المرحلة المقبلة.
مع ذلك هناك فريق واسع من المراقبين يعتقد أن الرد الإسرائيلي سيكون بعد الانتخابات الأميركية، ووفقاً لمن سيفوز فيها، وإن كانت الأيام الماضية شهدت انقلاباً في المشهد الانتخابي لمصلحة ترامب، وهذا يصب في مصلحة الكيان الإسرائيلي.. وحتى يبقى هذا المشهد الانقلابي لمصلحة ترامب فإن الكيان لن يقدم على رد قبل يوم الانتخابات.. وبعد الانتخابات سيكون مُسلحاً بترامب الذي دعا مرات عدة الكيان إلى ضرب إيران ومن دون خطوط حمراء.
متى الرد؟
مع ذلك، تبقى المفاجآت واردة، على اعتبار أن التوقعات تتعدد وتتوسع من دون أن تستقر على توقع محدد حتى يكون بالإمكان رسم صورة لما ستكون عليه مرحلة ما بعد الرد، علماً أن المسؤولين الأميركيين بالعموم يتوقعون أن يكون الرد بين يوم وآخر، قبل يوم الانتخابات الأميركية في الـ5 من تشرين الثاني المقبل.
وهو ما كشفته شبكة «سي إن إن» الأميركية في تقرير لها اليوم بخصوص الرد الإسرائيلي وتوقيته، ونقلت الشبكة عن مسؤولين أميركيين أن الجدول الزمني ومعايير الرد الإسرائيلي على إيران كانت موضع نقاش مكثف داخل الحكومة الإسرائيلية، ولا ترتبط بشكل مباشر بتوقيت الانتخابات الأميركية، لكن مع ذلك يبدو نتنياهو – الذي وصفه كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بأنه متناغم للغاية مع السياسة الأميركية – حساساً للغاية لأي تداعيات سياسية محتملة لأفعال «إسرائيل» في الولايات المتحدة، كما قالوا.
إيران تتحول إلى ملف دسم في سباق الانتخابات الأميركية بزعم استهدافها لترامب وتحذيرات من خلفية هذا الزعم وما يمكن أن يقود إليه مستقبلاً
وحسب الشبكة الأميركية فإن الصراع المتنامي في الشرق الأوسط برز كقضية أساسية في الانتخابات الأميركية، حيث يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (المرشحة الديمقراطية في مواجهة ترامب) ضغوطاً متزايدة فيما يخص التعامل مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ثم لبنان، ويتهم الجمهوريون إدارة بايدن بـ«إرسال العالم إلى الفوضى» وترد إدارة بايدن والديمقراطيون على الجمهوريين بالاتهامات نفسها.
ملف «ثاد»
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت اليوم أن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت ناقش مع نظيره الأميركي لويد أوستن ملف «ثاد» في اتصال هاتفي، مؤكدة أن «واشنطن بوضع جيد للدفاع عن نفسها وعن حلفائها».
وقال المتحدث باسم «البنتاغون» بات رايدر، في بيان: إن إرسال المنظومة الأميركية هدفه المساعدة في تعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية، عقب الهجمات الإيرانية الأخيرة «مطلع تشرين الأول الجاري» والدفاع عن «إسرائيل» ضد أي هجمات صاروخية بالستية أخرى من إيران.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، من دون أن تذكر مصادرها، بأن أنظمة «ثاد» الأميركية سيتم تشغيلها بمجرد نشرها في «إسرائيل».
رغم كل ذلك، فإن السؤال نفسه يبقى قائماً منذ أن تم الإعلان عن نشر هذه الأنظمة في الكيان الإسرائيلي، قبل نحو 10 أيام، وهو: هل إن هذه الأنظمة قادرة فعلياً على صد صواريخ إيران، أم إنه يأتي في إطار حرب نفسية، ومن باب التأكيد على الالتزام الأميركي بالدفاع عن الكيان الإسرائيلي، بما في ذلك دخول حرب معه في المنطقة؟
إيران وعلى لسان وزير دفاعها العميد عزيز نصير زاده اعتبرت أن هذه المنظومة ليست جديدة، وسبق أن كانت في المنطقة، وقال نصير زاده: إن إطلاق هذا الكم من التصريحات الإعلامية حولها يندرج فقط في إطار الحرب النفسية، مضيفاً: نحن نقيّم تصرفات العدو.. تهديدات الكيان الصهيوني لیست بجدیدة.
وكان قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي قد جدد اليوم الخميس أن الكيان الإسرائيلي «أخطأ باستهداف قادة في المقاومة وظنّ أن إيران لن ترد».
وقال سلامي خلال مراسم تشييع القيادي في الحرس الثوري عباس نيلفروشان، الذي قضى في بيروت بغارة إسرائيلية: إذا هاجمت «إسرائيل» أي نقطة في إيران، فسنضرب ذات النقطة لديها، ضربة شديدة.
وأضاف: نؤكد للعدو أن عملية «الوعد الصادق 2» كانت مجرد تحذير ونموذجاً مصغراً لما نستطيع إنجازه بما لدينا من قدرة، متابعاً: نؤكد للعدو أيضاً أننا سنضربه بشكل مؤلم إذا هاجم أهدافاً لنا وهو يعرف أننا نفي بما نقول.
مشكلة كبرى للكيان في وقت حرج
ويأتي نشر منظومة «ثاد» في وقت «حرج لإسرائيل» وفق وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية، حيث تواجه «مشكلة عسكرية كبرى تهدد صمودها بمواجهة الهجمات الصاروخية».. وهذه المشكلة تتلخص في «النقص الوشيك» في منظومة الصواريخ الاعتراضية في وقت يتعرض فيه الكيان لهجمات صاروخية من جبهات عدة/العراق واليمن/ إلى جانب جبهة لبنان/حزب الله.
رغم حرص أميركا وكيانها على تضخيم «ثاد» وعملها إلا أن السؤال يبقى مطروحاً عما إذا كانت قادرة فعلاً على صد أو احتواء تساقط الصواريخ على «إسرائيل»
ويقول بواز ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة «إسرائيل آيرو سبيس إنداستريز» المنتجة لصواريخ «آرو» الاعتراضية في تصريحات لصحيفة بريطانية: تعمل بعض خطوطنا على مدار 24 ساعة، 7 أيام في الأسبوع.. هدفنا هو الوفاء بكل التزاماتنا، ويشير ليفي إلى أن الوقت المطلوب لإنتاج الصواريخ الاعتراضية ليس مسألة أيام، مضيفاً: ليس سراً أننا بحاجة إلى تجديد المخزونات.
جبهة الشمال
ميدانياً، لا تكاد صفارات الإنذار تنقطع أصواتها في عموم الكيان الإسرائيلي خصوصاً في الشمال والوسط ، حيث دوت اليوم الخميس في 60 «مدينة وبلدة» في الشمال، وذلك بعد إطلاق صاروخين من لبنان، بينما قالت القناة 12 الإسرائيلية: إن رشقة صاروخية جديدة أطلقت من لبنان تم رصد 5 صواريخ منها باتجاه الجليل.
وفيما وجّه جيش الكيان إنذارات إخلاء جديدة لأهالي منطقة البقاع، شرق لبنان، تستمر الاشتباكات عنيفة بين قوات المقاومة اللبنانية/حزب الله، وعناصر من الجيش الإسرائيلي التي يحاولون التوغل براً في الجنوب، ومنها في بلدتي عيتا الشعب والقوزح ليجد الكيان نفسه مجبراً على ارسال المروحيات لسحب العشرات من جنوده بين قتلى وجرحى نتيجة هذه الاشتباكات. وتفيد التقارير الإسرائيلية بأن العدد وصل إلى حوالي 50 جندياً إسرائيلياً.
وحسب بيان لحزب الله فإن مقاتلي المقاومة يخوضون اشتباكات عنيفة في بلدة القوزح من النقطة صفر بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة.
وفي بيان آخر قال الحزب: إن المقاومة استهدفت تجمعات لجنود العدو في مسكفعام وبلدتي العديسة ومركبا بصليات صاروخية.
وفي بيان ثالث اليوم أعلن الحزب عن استهداف 18 موقعاً للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، مؤكداً تدمير دبابتي «ميركافا» في مرتفع اللبونة بصواريخ موجهة، ما أسفر عن احتراقهما وسقوط طاقميهما بين قتلى وجرحى.
كما أوضح البيان أن الحزب قصف مواقع متعددة منها مستوطنة كريات شمونة، ومربض مدفعية للجيش الإسرائيلي في دلتون، إضافة إلى اشتباكات عنيفة عدة مع القوات الإسرائيلية في محيط بلدة القوزح.