الأساتذة الجامعيون مُبعدون عن المراكز القيادية.. وأستاذ اقتصاد يعرض مفارقات تبرر إعادة النظر بالقرار

تشرين – خاص:

لم يعد بإمكان أساتذة الجامعات الترشّح لأي منصب حكومي، بسبب إحدى حيثيات قرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء بداية العام الماضي، حيثية تتعلّق بمعيار الخبرة الوظيفية في الجهات العامة لمدة زمنية تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام حسب المركز الوظيفي المراد شغله.. وهذا يعني من وجهة نظر عامة تحييد كوادر النخبة وهم الأساتذة الجامعيون من مختلف التخصصات.. فالأساتذة الجامعيون لن يحققوا مثل هذا الشرط أو المعيار، بما أنهم ليسوا موظفين في القطاعات التي قد يكون من المهم أن يكونوا في نسق القادة الإداريين فيها بحكم اختصاصاتهم، على الرغم من أن تجربة الاعتماد على الأساتذة كانت ناجحة في كثير من المواقع، خصوصاً في ظل فجوة النسق الثاني التي تعاني منها مؤسساتنا العامة حالياً لأسباب كثيرة.

قرار استبعاد صريح
سألنا الدكتور مظهر يوسف أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق عن رأيه في هذا المتغيّر وأثره على خيارات الاستفادة من الأساتذة الجامعيين في المراكز القيادية في مؤسساتنا، فيجيب بدايةً بتوضيح مرجعية ما أشرنا إليه في مقدمتنا، ويقول: حددت المادة /1/ من قرار رئيس الوزراء رقم /5/م.و تاريخ 18/1/2023 المعايير الأساسية للترشيح لشغل وظيفة معاون وزير أو مدير عام أو أمين عام محافظة، فيما يتعلق بمعيار الخبرة الوظيفية بأن يكون المرشح قد مارس مهام إدارة وسطى (بمرتبة مدير مركزي- مدير فرع فرع- معاون مدير عام – معاون مدير فرع – مدير مديرية فرعية – رئيس قسم) أو ثلاثة مستويات إدارية على الأقل في الجهة العامة لمدة لا تقل عن ثلاثة أعوام لمعاون الوزير وعن عامين للمدير العام أو أمين عام المحافظة.
هنا يرى الدكتور يوسف في حديثة لـ “تشرين” أن هذا المعيار أدى إلى عدم ترشح أغلب أساتذة الجامعات مستقبلاً لوظيفة معاون وزير أو مدير عام، لعدم ممارستهم مهام الإدارة الوسطى في الجهة العامة حسب ما ذكر أعلاه، ويستفيد فقط أستاذ الجامعة المعين حالياً في إحدى هذه الوظائف.

مراجعة
ويضيف أستاذ الاقتصاد: في حين أكد السيد الرئيس بشار الأسد خلال ترؤوسه الاجتماع التوجيهي للوزارة الجديدة بعد أدائها اليمين الدستورية على أهمية الإدارة قائلاً :”عندما يكون لدينا سوء بالإدارة فسيكون لدينا سوء في إدارة كل القطاعات.. منها إدارة الموارد سواء كانت موارد مادية أو موارد بشرية”، متسائلاً عن قانون العاملين الأساسي فيما إذا كانت تستطيع الدولة لاحقاً بنفس القانون أن تستعيد جزءاً من الكوادر أو أن تجذب كوادر متميزة.. ومؤكداً “أعتقد أن هذا الكلام غير صحيح وغير ممكن”.
على هذا الأساس تم في الجلسة الأسبوعية الأولى للحكومة الجديدة تشكيل لجنة وزارية مختصة بهدف مراجعة بعض القرارات والأنظمة الخاصة بشغل مراكز عمل القيادات الإدارية.

أربعة من أعضاء القيادة المركزية الجديدة لحزب البعث العربي الاشتراكي هم أساتذة جامعة

مفارقة
الأمر بأبعاده الجديدة ونتائجه ينطوي على بعض المفارقات، يرصدها الدكتور يوسف، ويبيّن أنه بالعودة إلى الواقع الحالي وخاصة خلال الأشهر الأخيرة نلاحظ الآتي:
أربعة من أعضاء القيادة المركزية الجديدة لحزب البعث العربي الاشتراكي هم أساتذة جامعة، وبالنسبة للحكومة بالإضافة إلى السيد رئيس الحكومة تتضمن تشكيلة الحكومة /12/ وزيراً يحملون شهادة الدكتوراه منهم /6/ أعضاء هيئة تدريسية في الجامعة.
بالنتيجة نلاحظ أن أساتذة الجامعة يشغلون أعلى المواقع القيادية في الحزب والحكومة لكنهم محرومون من الترشح للمواقع الأقل.

 تتضمن تشكيلة الحكومة الجديدة /12/ وزيراً يحملون شهادة الدكتوراه منهم /6/ أعضاء هيئة تدريسية في الجامعة

استدراك موضوعي
هنا يتساءل الدكتور يوسف: لماذا لا يتم تعديل هذه الاشتراطات بحيث تمكن من جذب واستعادة أساتذة الجامعة المتميزين تحت شروط وروائز معينة يمكن وضعها بشكل مدروس ومتأنٍ؟
بقي أن نشير – الحديث لنا – أن لجنة القرار رقم 43 م.و المكلفة بمراجعة بعض القرارات والإجراءات الخاصة بشروط شغل مراكز عمل القيادات الإدارية (معاون وزير- مدير عام – أمين عام محافظة – مدير مركزي) بالإضافة إلى شروط تمديد الخدمة للعاملين في الدولة، وضوابط عمل ذوي القربى في ذات الجهة العامة وكيفية تلبية احتياجات الجهات العامة من العمالة الجديدة، قد اجتمعت أمس في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، وتطرّقت إلى بعض القيود السلبية التي تحد من تعيين قيادات إدارية وطنية كفوءة بسبب عدم وجودها في بعض القطاعات الوظيفية، وأكدت على ضرورة فتح المجال واسعاً أمام الكوادر الوطنية من كل القطاعات لشغل أي موقع وظيفي تتوافر فيها مقومات إشغاله وتطويره.. وهذا يعني أن ثمة فسحة للاستدراك وفتح باب الاستفادة من خبرات ومهارات الأساتذة الجامعيين في المراكز الإدارية القيادية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار