«ملف تشرين».. يحتاج إلى نصوص ومواد أكثر تنوعاً وتفصيلاً.. دعوات ملحّة لتعديل قانون العقود رقم (51)

تشرين- رشا عيسى:
يبقى القانون رقم ٥١ لعام 2004 محط انتقاد، وسط مطالبات واسعة بتعديله، حيث يرى خبراء القانون أن التعديل بات أمراً مفروضاً لكون القانون الساري غير قادر على ملاءمة متطلبات المرحلة المقبلة من جهة أنه لم يراع تعدد وتنوع العقود وأشكال التنفيذ، ما يدخل الجهة العامة في بعض الإشكاليات التي هي بغنى عنها.

عدم الفصل
المحامي أحمد جميل أحمد أكد في حديث لـ«تشرين» أنه لا نستطيع أن نفصل بين نظام العقود رقم 51 لعام 2004 وبين دفتر الشروط العامة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 450 لعام 2004، إذ إنه جاء بديلاً عن دفتر الشروط العامة الصادر بالمرسوم رقم 1766 لعام 1969 الخاص بعقود الجهات العامة ذات الطابع الإداري، علماً أن هذا التعديل لم يأتِ بشيء جديد أو خاص أو ميزات أو تشاركية مع القطاع الخاص، إذ إنه أعطى الحرية المطلقة للجهة العامة، وكان (متعصباً) لها في وضع شروط التعاقد ولم يعطِ المتعهد (القطاع الخاص) المشاركة في إبداء الرأي أو الملاحظات أو التغيرات على هذه الشروط والذي هو طرف من أطراف (المناقصة – المزايدة..إلخ )

غير ملائم لمتطلبات المرحلة
وأكد أحمد أن نظام العقود الحالي غير قادر على ملاءمة متطلبات المرحلة القادمة وخاصة لجهة إعادة الإعمار، وأنه يحتاج إلى بعض التعديل في نصوصه، كما أنه لم يراع تعدد وتنوع العقود وأشكال التنفيذ، ما يدخل الجهة العامة في بعض الإشكاليات التي كانت بغنى عنها، فكان من المفروض أن يتضمن نظام العقود ودفتر الشروط العامة نصوص مواد أكثر تنوعاً وتفصيلاً، وملاحق أكثر تبويباً وترتيباً، وتوزيع الصلاحيات والمخاطر والمسؤوليات القانونية على الأطراف كلها.
المشاركة في المشروع على سبيل المثال أن يكون هناك باب خاص في قانون العقود اسمه المقاول (المتعهد) تحت عنوان عريض، ويذكر فيه كل الصلاحيات والمسؤوليات القانونية والمخاطر لكل طرف بالعقد، فهي مشتتة في القانون 51 ودفتر الشروط العامة، كما يخلو دفتر الشروط العامة من وجود نماذج قياسية ما يسهم بشكل كبير في زيادة الأخطاء والاجتهادات والخلاف بين طرفي العقد، ويبطىء عملية التواصل والتخاطب بين الجهة العامة والمتعهد (المتعاقد).

غياب نظام الحوافز
إضافة إلى أن غياب نظام الحوافز في كل من نظام العقود ودفتر الشروط العامة هو عامل سلبي يمنع من الاستفادة من اجتهاد وخبرات المتعهد، التي هي عامل أساسي لتحقيق المنفعة للجهة العامة صاحبة المشروع إن وجدت، إذ إنها (الحوافز) تعجل بإنجاز المشروع وتحسن من قيمة الأعمال المنجزة، وتخفض قيمة الأشغال لمصلحة صاحب المشروع (الجهة العامة) مثال: إعطاء المتعهد 40% من قيمة الوفر الصافي الحاصل نتيجة أي تحسين أو تعديل بالتصميم أو بأي جزء من العمل.
– المادة 25 يجب تحديد مدة قليلة بشكل واضح وصريح بنص القانون لارتباط العارض بعرضه وعدم تركها مدة مفتوحة كما هي منصوص عليها وفقاً لهذه المادة.
– المادة 36 فقرة هـ من دفتر الشروط العامة يجري صرف الكشوف خلال 15 يوماً من تاريخ تقديمها إلى محاسبة الإدارة .. إلخ.. وعند التطبيق العملي لهذه المادة نكون أمام مشكلتين: الأولى إن الكشف يمر على عدة دوائر وأشخاص قبل الوصول إلى محاسبة الإدارة، ويستغرق وقتاً طويلاً لا يكون المتعهد مسؤولاً عنه ولا يحتسب كمدة بعد تسليم التعهد، ما يرتب أضراراً مادية على المتعهد فيما يخص التمويل والتدفق النقدي. والمشكلة الثانية هي أن كل كشف يتأخر يعطي المتعهد فترة زمنية تضاف إلى مدة العقد، أي إنها عوضت زمنياً لكنها نسيت التعويض المادي.
نقاط ضعف
وبيّن أحمد أنه في المادة 46 قيمة التأمينات المؤقتة والنهائية يجب أن تعدل وتوضح بشكل أفضل لتصبح قيمتها تتناسب مع أهمية المشروع وحجمه.
المادة 49 من القانون 51 لعام 2004: أجازت إعطاء سلفة للمتعهد لا تتجاوز قيمتها 15% من قيمة العقد بشرط عدم أحقية المتعهد بالمطالبة بارتفاع الأسعار الحاصل بعد قبض السلفة… إلخ.
ويشرح أحمد نقاط ضعف هذه المادة بمايلي:
• إن هذه المادة تتصف بعدم العدالة والإنصاف للمتعهد، لأنها حرمته من حقه الممنوح بالمواد 63/64 في حال حصوله على السلفة.
• حددت السلفة بـ15% من قيمة العقد لكل المشروعات وبمختلف الظروف والأحوال من دون مراعاة لخصوصية بعض المشروعات وظروف تنفيذها.
• أغفلت وجوب تحديد العارض في عرضه أوجه صرف السلفة وعدم صرف فروقات أسعار لما يتم شراؤه أو تنفيذه من قيمة السلفة.

غموض واضح
معالجة ارتفاع الأسعار وهبوطها المنصوص عليها بالمواد 63/64/ من القانون 51 والمادة 33 من دفتر الشروط العامة التي تتصف بالغموض وعدم التفصيل وعدم العدالة والإنصاف في الآلية المتبعة وغياب كثير من الضوابط والأحكام الناظمة لمعالجة هذا الارتفاع والهبوط في الأسعار، وذلك من خلال:
1- تحديد حد أدنى لمدة العقود التي يتم التعويض فيها في حال حدوث فروقات بالأسعار أو تحديد الزمن الواجب انقضاؤه بعد فض العروض.
2- تحديد الحد الأدنى لمقدار التغير في سعر الصرف الواجب تجاوزه حتى يتم التعويض.
3- تحديد كيفية التعويض في حال تجاوزت مدة التنفيذ المدة المقدرة لها في العقد أو في حال تجاوزت الكميات المنفذة للحدود المقدرة لها ومن سيتحمل التعويض.
4- عدم احتساب المواد التي تم شراؤها بالسلفة المقدمة ضمن المواد الخاضعة للتعديل بالأسعار.

ثغرة النسب
إن النسب المعطاة للمتعهد في حال الزيادة أو الهبوط بالأسعار هي ثغرة نقص وغموض فيه، كما يؤكد أحمد، حيث إن نسبة الزيادة التي يتحملها المتعهد وهي 15 % تعد نسبة مرتفعة إذا ما قارناها بنسبة الربح، ما يدفع الكثير من العارضين للأخذ بعين الاعتبار هذه الزيادة، وتقديم عروض متضمنة هذه الزيادة بشكل تلقائي لتلافي خطر هذه الزيادة، وإذا لم تحصل هذه الزيادة بالأسعار فإن الخاسر هو الجهة العامة، لأن المتعهد رفع الأسعار مسبقاً، بينما لو كانت هناك طريقة حل أكثر عدالة وتوازناً للتعويض في حال حدوث ارتفاع بالأسعار أو هبوط فإن هذا يؤدي حكماً إلى خفض قيمة العروض وتقديم عروض أكثر توازناً من قبل العارضين، علماً أن بعض المتعهدين يقومون بتعويض الخسارة عن طريق الغش بالنوعية والتلاعب بالكميات المنفذة وبجودة التنفيذ، ما ينعكس سلباً على الجهة مالكة المشروع .

لا التزامات
لم ينص القانون 51 ودفتر الشروط العامة على أي نص يلزم المتعهد بتسليم الجهة العامة أو المهندس المشرف مخططات ما تم تنفيذه، ونصت المادة 66 من القانون 51 على أحكام البت بالنزاع الذي ينشأ عن العقد وحددت حصراً أن الأداة الرئيسية لحل النزاع الحاصل بين المتعهد والجهة العامة هي القضاء أو التحكيم إذا نص دفتر الشروط الخاصة عليه وفقاً للشروط المتبعة أمام القضاء الإداري التي تتصف بالحيادية في تشكيل لجنة التحكيم، أي إنه لم يعط المجال لحل النزاع بالطريقة الودية قبل اللجوء إلى القضاء والتحكيم، ما ينعكس سلباً على سير الأعمال وعلى العلاقة بين أطراف المشروع، وبسبب هذه السلبيات يكون هناك نفور من بعض الشركات الأجنبية عن دخول السوق السورية.

عدم مواكبة للعقود الحديثة والإلكترونية
من خلال استعراض هذه النصوص نجد أن المواد الواردة في كل من نظام العقود الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004 ودفتر الشروط العامة الصادر بالمرسوم 450 لعام 2004 لا تتناسب مع المرحلة المقبلة ومشروعاتها لأسباب كثيرة من خلال عدم ملاءمته لمختلف أنواع المشروعات وخاصة ما يتعلق منها بإعادة الإعمار، وعدم مواكبته للعقود الحديثة والإلكترونية والتطورات الخاصة في مجال العقود لوجود قصور ونقص واختصار شديد في أحكامه، ما ينعكس سلباً على تنفيذ المشروعات في الجهات العامة، وعدم تمتعها بالمرونة، لأنها نصوص جامدة، وعدم توزيع المخاطر بشكل عادل بين أطراف العقد، وغياب واضح لدور المهندس المشرف، وعدم إعطائه أي صلاحيات لكونها تمارس هذه الصلاحيات عن طريق لجان منفصلة.

ويفضل أن يرشح المهندس المشرف من خارج ملاك الجهة العامة صاحبة المشروع، أي يمكن أن يكون من ملاك شركة الدراسات الهندسية مثلاً، وإعطاء الصلاحيات للجهة العامة مالكة المشروع بإجراء تعديل على دفتر الشروط العامة من خلال دفتر شروط خاصة وبموافقة آمر الصرف لملاءمته لمتطلبات المشروعات التي لها خصوصية معينة.

أقرأ أيضاً:

«ملف تشرين».. المشتريات الحكومية الرقمية باتت “نفحة عالمية”.. هرش الرؤوس للتفكير بالانطلاق لم يعد مقنعاً..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار