مجرد رسم أحياناً

لاتكاد تتعدى بعض الخطط لدى عدد من الجهات حدود رسمها في المذكرات والكتب الرسمية، إذ لا يلاقي بعضها سبيلاً للتطبيق الفعلي أحياناً ، فيما لا يترك تنفيذ بعضها الآخر أثراً مجدياً على أرض الواقع.
إذا استعرضنا خطة المحاصيل الزراعية التي تُعتمد وتقرر سنوياً، يلاحظ أن معظم أبوابها في الأغلب حبر على ورق، فلا الفلاح ملتزم بها ولا الجهات المعنية قادرة على أن تفرض تطبيقها، والمثال أن الكثير من الأراضي المروية انقلبت زراعتها من المحاصيل الرئيسة إلى أخرى لا أولوية لإنتاجها مثل الرمان، كما لا يتم أحياناً الالتزام بخطة البندورة والبطاطا والبصل والثوم والمحاصيل العلفية وغيرها، إن زيادةً أو نقصاناً، فكلٌ يزرع على مزاجه وهواه، والنتائج كما نلمسها عدم الاستقرار في وفرة الإنتاج وأسعاره وتذبذبهما المستمر.
كذلك كثير من خطط تنفيذ مشروعات تعبيد وصيانة الطرقات توضع كل سنة، لكن التنفيذ لا يشمل سوى القليل منها لعدم توفر الاعتمادات، وحتى هذا القليل لا ينفذ أحياناً بالمستوى المطلوب، وخاصةً إذا تعهدته بعض جهات القطاع الخاص، لأن منها من يأخذ المشروع بـ”كسر” يصل إلى أكثر من ٣٠٪ وهو لا شك يأتي على حساب الجودة، والجهات ذات العلاقة تعرف ذلك، لكنها تحرف نظرها عن نتائجه السلبية بخلفيات غير سوية، وقد يقاس الأمر على مشروعات في مجالات أخرى، وإن بتفاوت بسيط في الحيثيات تبعاً لطبيعة كل منها.
أيضاً يتم رسم الخطط الدرسية لتنفيذ المناهج المقررة بإتقان، لكن التنفيذ على الواقع لا يرقى للمستوى المأمول، لعدم كفاية الكادر التدريسي المتخصص للكثير من المواد والاستعانة بما تيسر من خارج الملاك، وللتراخي في إعطاء الدروس بمسوغ ضعف الرواتب، والنتائج المترتبة على ذلك سلبية تبدو من خلال تراجع التحصيل الدراسي، وإن تميز التحصيل لدى بعض التلاميذ والطلاب، فهو ناتج عن لجوئهم للدروس الخصوصية الباهظة التكاليف.
إذاً، تركيزنا قبل أن ينصب على بناء الخطط لا بد من أن تكون العوامل الملائمة لتنفيذها مهيأة مسبقاً، سواء أكانت مادية أو فنية أو رقابية، وخاصةً أننا في وقت لا يحتمل رسمها وعدم تنفيذها، لأن التغيرات في التكاليف متسارعة وأي تأجيل يعني تأخر انتفاع المواطنين المستهدفين منها، ويستدعي إجراء دراسات وخطط جديدة ورصد اعتمادات مالية أكبر، كما ينبغي الحرص على جودة تطبيق وتنفيذ بنود الخطط لتلافي أي سلبيات قد تضعف الفائدة المرجوة منها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار