ملف «تشرين».. أطفال المهاجرين.. قليل يُحكى وكثير صادم يُخفى؟
تشرين – زينب خليل:
في قضية أطفال المهاجرين، وكل المخاوف والتحديات المتعلقة بهم، وكل ما يعانيه الأهل في سبيل عدم فقدانهم، مادياً أو معنوياً، بمعنى عدم فقدانهم بالموت على طريق الهجرة والمخاطرة بكل شيء في سبيل الوصول إلى البلد المستهدف.. ثم الحفاظ عليهم معنوياً، بمعنى إنسانياً واجتماعياً وهذا يتعلق بالعادات والتقاليد والثقافات والسلوكيات وما إلى ذلك مما يندرج تحت سقف تربية محددة يريدها الأهل مشابهة، أو أقرب، إلى بيئاتهم الاجتماعية الأصلية.
في قضية أطفال المهاجرين و في كل ما سبق، هناك جزئية لا بد من تسليط الضوء عليها، وهي أن عشرات الآلاف من أطفال المهاجرين يدخلون في عداد المفقودين كل عام، أي إن الأهل يفقدون فعلياً أطفالهم، ولكن ليس بالموت، وليس بالانتزاع القسري، وهذا ما يُعد أقسى وأشد، إذ إن هؤلاء يختفون هكذا ببساطة من دون أثر، ومن دون معرفة كيفية الاختفاء، وبالتالي لا سبيل لاسترجاعهم، وفق تقارير أوروبية تحصي كل عام من يدخل ومن يخرج.
ومن ضمن هؤلاء المختفين، هناك «الأطفال المحتجزون» في مراكز إيواء أو ترحيل، هؤلاء إما مهاجرون غير شرعيين أو أنهم هاجروا أو لجؤوا بصورة منفصلة عن والديهم، بمعنى أن الوالدين أو أحدهما سافر أولاً ثم استقدم الأطفال لاحقاً عبر ما يسمى «لم الشمل».. ومع سفر الأطفال منفصلين فهم عرضة لجميع المخاطر، وبعض المخاطر تجعلهم لا يصلون إلى أهاليهم أبداً.
التقارير الأوروبية، سواء الرسمية منها، أو تلك الصادرة عن منظمات إنسانية، تتضمن أرقاماً صادمة عن أعداد الأطفال المفقودين، ومنها أن كل دقيقتين يختفي طفل في أوروبا، وهذه المنظمات تحمل الدول الأوروبية بقوانينها وبتعاملها العنصري المسؤولية كاملة.
حزب الخضر الألماني لطالما وجه انتقادات لاذعة لسياسات الدول الأوروبية التي وضعت ما بعد عام 2015 قواعد جديدة بشأن ملف الهجرة واللجوء تتضمن إجراءات أكثر صرامة، حتى تجاه الأطفال والقصّر، خصوصاً منها التوسع فيما ما يسمى معسكرات فرز المهاجرين وطالبي اللجوء والتي تتواجد في اليونان وإيطاليا.
وحسب موقع «دويتش فيليه» الألماني فهناك عشرات الأطفال من المهاجرين محتجزين في هذه المراكز، وتقول منظمة «أنقذوا الأطفال» الإنسانية: في عام 2020 وصل إلى أوروبا أكثر من 200 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم.
في حزيران الماضي نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن وزارة الداخلية البريطانية تواجه دعوى قضائية بسبب وضع الأطفال المفصولين عن أهلهم في فنادق تديرها الوزارة، وهو ما وصف بالأمر غير القانوني ووفقاً للمحامين القائمين على الدعوى.
يأتي ذلك فيما كشف صحيفة «الاوبزرفر» البريطانية أن مجرمين اختطفوا العشرات من الأطفال المتواجدين في هذه الفنادق، وتقول منظمة « ECPAT» البريطانية إنها حاولت مراراً إقناع الوزارة بأنها هذا الإجراء غير آمن، ولكن من دون جدوى.
وتزعم الوزارة أنها لجأت إلى هذا الإجراء بسبب تضاعف أعداد الأطفال غير المصحوبين بذويهم وبشكل لم تستطع التعامل معه إلا من خلال وضعهم في فنادق.
فيديريكا توسكانو من منظمة «الأطفال المفقودون في أوروبا Missing Children Europe» وهي منظمة غير حكومية، تعمل على تجميع المعلومات من باقي المنظمات التي تعنى بتوثيق أرقام المفقودين والمعلومات عنهم، تقول: الصورة قاتمة مؤخراً، أكثر أعمار الأطفال المهاجرين المفقودين هي 13 عاماً وعدد منهم تم فقدانه بعد أن وصل أوروبا وتم تسجيله.
وتضيف: شبكات التهريب والإجرام عادة ما تستغل هؤلاء الأطفال غير المصحوبين بذويهم – خصوصاً الفتيات – وتمارس عليهم ضغوطاً نفسية وجسدية فيضطرون لمغادرة مراكز الاحتجاز أوالإيواء، ليتحولوا إلى فريسة سهلة لهذه الشبكات.
الفيدرالية الأوروبية للأطفال المفقودين والمستغلين جنسياً، تقول إن 10 آلاف طفل على الأقل فقدوا في أوروبا خلال العامين الماضيين، وحسب جهاز الشرطة الأوروبية «أوروبول» فإن آلاف القصر يختفون بعد أن يتم تسجيلهم لدى السلطات الحكومية، محذراً من إمكانية تعرض هؤلاء إلى الاستغلال الجنسي واستعبادهم على يد عصابات الجريمة والاتّجار بالبشر.
اقرأ أيضاً: