سورية تخلد أبطالها…
تشرين :
إلا في سورية ، فإن للشهداء عيدين وليس عيداً واحد فقط ؛ أو لنقل يومين تكريماً وتخليداً لمن هم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.
ولأن هذا اليوم هو يوم الـ29 من أيار فلنبدأ به كعيد الشهداء الثاني الذي يحتفي به السوريون تكريماً لذكرى 28 شرطياً ودركياً سورياً، كانوا من حماة البرلمان، الذين ضحوا بحياتهم بمواجهة وحشية المحتل الفرنسي الذي قصف مبنى البرلمان بالطائرات والمصفحات في 29 أيار من عام 1945.
أما العيد الأول فيحتفي به السوريون منذ 106 أعوام في السادس من أيار من كل عام تكريماً للنخبة من رجالات العلم والثقافة السوريين الذين أعدمهم المحتل العثماني في صبيحة ذلك اليوم في ساحة المرجة بدمشق، بالتزامن مع إعدامه أقران لهم في ساحة البرج في العاصمة اللبنانية بيروت.
ولأن كل شهادة هي بشرى وطن، حي ومقاوم، رغم الألم والوجع.. وكما خط شهداء 6 أيار من عام 1916 بدمائهم نهاية للمستعمر العثماني، خط شهداء 29 أيار من عام 1945 نهاية للمحتل الفرنسي عندما صوت مجلس الأمن في اليوم التالي على استقلال سورية وجلاء المحتل الفرنسي عنها.
في ذلك العام أي عام 1945 كان نضال السوريين من أجل الاستقلال قد وصل إلى قاب قوسين من التحقق.. وفي ذلك اليوم أي يوم 29 من أيار من ذلك العام، رفضت حامية البرلمان أداء التحية للعلم الفرنسي، فجن جنون المحتل الذي أمر بقصف البرلمان بالطائرات والمصفحات، ثم محاولة اقتحامه، فما كان من رجال الحامية إلا التصدي ببسالة للجنود الفرنسيين، من دون تردد في دفع أرواحهم رخيصة لأجل كرامة الوطن وعزة رمز من رموزه.
استشهد جميع رجال الحامية، بمواجهة وحشية الجنود الفرنسيين، الذين لم يكتفوا بحرق جثامين الشهداء بل مثلوا بها، ولم يكتفوا فقط بقصف البرلمان بل قصفوا عدة مناطق بدمشق.
كرمت سورية شهداء حامية البرلمان بيوم خاص كان عيداً لقوى الأمن الداخلي يُحتفى به في مثل هذا اليوم من كل عام ، كما سطرت أسماؤهم في لوحة تتصدر قاعة الشهداء في البرلمان، وهم 28 اسماً من وطن: «سعيد القهوجي- محمد طيب شربك- شحادة إلياس الأحمر- برهان باش إمام- مشهور المهايني- محمود الجبيلي- حكمت تسابحجي- إبراهيم فضة- محمد حسن هيكل- يحيى محمد الباقي- زهير منير خزنة كاتبي- ممدوح تيسير الطرابلسي- محمد أحمد أومري- محمد خليل البيطار- سعد الدين الصفدي- ياسين نسيب البقاعي- زيد محمد ضبعان- عيد فلاح شحادة- أحمد مصطفى سميد- أحمد محمد القصار- إبراهيم عبد السلام- جورج أحمر- محمد عادل مدني- واصف إبراهيم هيتو- عبد النبي برنية- طارق أحمد مدحت- سليمان أبو أسعد».. وأيضاً الشهيد الحي إبراهيم إلياس الشلاح، الذي عاش ليروي فظاعات المحتل الفرنسي في ذلك اليوم، وتوفي هذا البطل السوري في 24 أيلول من عام 2002.
وفي ذكرى شهداء حامية البرلمان السوري قالت وزارة الداخلية” إن ذكرى يوم التاسع والعشرين من أيار مناسبة نسترجع من خلالها صور البطولة والعطاء.. فهذا اليوم كان ولا يزال أحد أيامنا الوطنية الغراء الممهورة بالبسالة والسخاء في التضحية تجلت المقاومة فيه بأبهى حللها والصمود بأبهى معانية”.. وأضافت ” في مثل هذا اليوم من عام 1945 وقفت حامية البرلمان السوري من رجال الدرك والشرطة وقفة الفداء في وجه الظلم والاستعـمار عندما رفضت أداء التحية للعلم الفرنسي فما كان من المستعـمر إلا أن بادر بإطــلاق نيـران المـدفعـية على الحامية وعلى مبنى البرلمان والذي كان يتهيأ لجلسة تاريخية للمطالبة بالجلاء ورحيل قوات المستعـمر عن أرض الوطن”.
وأكدت وزارة الداخلية في بيان لها أن قوى الأمن الداخلي “أثبتت في التاسع والعشرين من أيار عام 1945م أنها شريحة وطنية وفية لشعبها الأبي الذي تفخر وتعتز بالانتماء إليه, وأنها تمتلك روحاً نضاليةً أصيلةً وإرادةً صادقةً ملتزمةً بمصلحة الوطن .”
وتابعت وزارة الداخلية بالقول: إن “السوريين كعادتهم يلقنون المستعـمرين عبر التاريخ دروساً في المقاومة والصمود والتمسك بالأرض حيث تمكنت سورية بما تمتلكه من إرادة الانتصار من التصدي للإرهـابيين القـتلة وصمدت في وجه حصار قوى الاستعـمار الجائر، وكما نالت سورية حريتها في الأمس, ودحرت المستعـمر عن أرضها الطاهرة ستحقق الانتصار اليوم وستبقى سورية قلعة المجد والصمود وحصن العزة والكبرياء.”