اشرحي أيتها اليتيمة ؟

نور, فتاة تربت في الملجأ وخرجت منه وكأنها تتلقف نفساً جديداً في الحياة, سافرت وعملت, لكنها لم تنسَ أصدقاءها في الميتم فأرسلت لهم بعض الهدايا والحلويات, ومن هنا تبدأ القصة..
لا يهم بمَ يصفكم الناس.. أيتاماً.. لقطاء.. مجهولي النسب, فأنتم يا صغاري أحلى الناس.. لو أنهم يرون جمالكم في القلوب البيضاء ويرون ظروفكم أو إعاقتكم بعيون الرحمة لعرفوا كم تستحقون من الحب والرعاية وكم هي قلوبكم بريئة وحنونة..
ليس من السهل التعامل مع أطفال أيتام وبعضهم يعانون الإعاقة الذهنية.. فإذا وجدت حالات نادرة لأمهات أو آباء يتصرفون بغرابة ويرمون بفلذات أكبادهم إلى الطرقات ليكون مصيرهم الملجأ أو الميتم أو دور الرعاية.. فالمشكلة في القلوب والضمائر المريضة وليست في الإعاقة الذهنية..
مؤخراً, تمت زيارة ميدانية لأحد دور الأيتام, دخلت الفتاتان تحملان الهدايا وتبحثان عن صديقة نور.. التي عاشت وتربت معها في غرفة واحدة.. صعدتا إلى أحد الطوابق كانت المفاجأة وجدتا العديد من الأطفال واليافعين المحلوقي الشعر، الجميع الذكور والإناث، وبعضهم يعانون الإعاقة الذهنية وبالكاد تميز مابين الفتى والفتاة، سألتا عن صديقة نور.. وجدتا فتاة صبية في عمر الثالثة والعشرين محلوقة الرأس توجد بعض الخدوش على وجهها ويديها تسكن مع فتيات من ذوي الإعاقة الذهنية.. تحدثتا معها قليلاً أوصلتا لها الهدايا وطلبتا من المشرفين توزيع الحلويات على الجميع.. قد يبدو الموضوع عادياً لكن غير العادي والإنساني ما عرفته الفتاتان من بعض النزلاء الذين أكدوا أنهم يعاملون معاملة سيئة ويضربون ويؤخذ برؤوسهم فتضرب على الجدران.. وأن صديقة نور حاولت الهروب أكثر من مرة وبعد ذلك حاولت الانتحار وأن وجود الأصحاء عقلياً مع ذوي الإعاقة الذهنية بشكل دائم وغير مدروس يجعلهم يعانون ضغطاً كبيراً بسبب الصراخ وغير ذلك.
صعقت الفتاتان.. هل يمكن ضرب هؤلاء والضغط عليهم..؟
وجع اليتيم يفوق التعبير ومعاناته كبيرة.. لا يعنينا هؤلاء الذين يرمون أبناءهم أو أقاربهم في دور للأيتام والرعاية.. ولا هؤلاء الذين يتصرفون بشكل فردي ويزيدون معاناة الأطفال اليتامى أو المصابين بالإعاقات المختلفة.. لأننا نعرف جيداً أن ثمة من يوجد في نفسه ضمير ورحمة وإنسانية وهؤلاء نرفع لهم القبعة وننحني أمام جهودهم النبيلة ومشاعرهم الحميدة وأفكارهم المضيئة.. تجدهم يفكرون كيف يساعدون هذه الشريحة على التعبير عن نفسها وإثبات وجودها في زخم الحياة, أذكر تجربة رائعة اجتمع فيها أطفال يعانون إعاقة ذهنية مع أطفال أصحاء في معرض تشكيلي واحد.. هل يمكن تخيل العيون الجميلة والبريئة التي تجعل الأيدي تتشابك والقلوب تتعاطف والابتسامات تزين الوجوه الصغيرة!
كنت أراقب بعض الأطفال الأصحاء وهم يمسكون أيدي الأطفال المعوقين فوق الكراسي المتحركة.. الأشكال والألوان واللوحات كانت توحي بالكثير من العفوية والصدق والصداقة.
لم يكن المعرض وليد المصادفة فتدريب أطفال صغار ويافعين على الرسم والنحت كان مهمة إنسانية بالغة الروعة جعلتنا نتواصل مع هذه الشريحة التي تبدو غامضة للكثيرين ويؤثرون الابتعاد عنها أو تلافيها في حين أظهرت اللوحات أن القلوب الصغيرة هي منجم إبداع وجمال ورقة وهي كنز حقيقي من الصدق.
ومقابل هؤلاء نتوجه إلى القائمين على الملاجئ ودور الرعاية ودور الأيتام.. رفقاً بهؤلاء الصغار الذين لم تترك لهم الحياة الكثير من الخيارات..
أنتم عائلاتهم وأملهم ومستقبلهم رفقاً بهم.. عصفت بهم الحياة فلا تكسروا قلوبهم!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار