الأسرة الجيدة والطاقة الإيجابية في محاضرة
دينا عبد:
تحت عنوان الأسرة الجيدة والطاقة الإيجابية شرحت المهندسة صفاء أحمد الخبيرة بالاقتصاد المنزلي لـ«تشرين» في محاضرة لها حيث تحدثت عن أبرز ملامح التغيُّر في مفهوم الأسرة في العالم الحديث وسيادةُ مفهوم الأسرة النواتية على شكل التفاعل الأسري، وكيف تتغير الأسرة بفعل عوامل التحديث والتطور الاجتماعي والاقتصادي، والتسويغ الفكري والمعرفي لتأثير هذه العوامل في مفهوم الأسرة ووظيفتها، ما سيؤدي إلى شيوع مظاهر التفكك في البناء الأسري وضعف المشاعر الفطرية المعبّرة عن المودة والتراحم الأسري، واختفاء مظاهر التكافل والتعاون، وبروز الفردية والانعزالية، وشرحت كيف نفهم دور الأسرة في تماسك البناء الاجتماعي؟ وما أهمية هذا المفهوم للأسرة في تحقيق الصحة النفسية للشخصية الإنسانية المتكاملة والمتوازنة؟.
لذلك فإن الأسرة لا تزال الحِصن الأخير الذي يمكن أن يحمي مقوماتها وهويتها. فالإعلاء من شأنها وحمايتها من الواجبات التي تقع على عاتق الأفراد والمؤسسات، نظراً للمكانة الكبيرة للأسرة في بناء المجتمع، فحالها من القوة أو الضعف هو الذي يقرر إلى حدٍّ كبير حال الأجيال الجديدة من أبناء الأمة، ولاسيما في المراحل الأولى من حياتهم، بما ينبغي أن توفره لهم من أساليب الحماية والتنشئة والتوجيه.
وبيّنت أننا في الوقت الذي تعيش في الأسرة السورية، انكماشاً ملحوظاً في بنائها ومقوماتها، لأسباب كثيرة، منها الاغتراب والهجرة سعياً وراء أسباب الحياة، فضلاً عن الآثار الناتجة عن انتشار وسائل الإعلام الجديدة التي تطورت فيها مفاهيم جديدة للتواصل بديلاً عن التواصل الاجتماعي بين أفرادها, ينبغي أن تجتهد الأسرة في وقاية أبنائها من الانحراف العقائدي والفكري والمبادرة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الأبناء سواءً أكان ذلك عن جهل أم كان إصراراً وتعنّتاً منهم، ولعل هذا الدور أصبح ملحَّاً في عصرنا الحالي حيث تدفّقت الأفكار والعقائد الفاسدة عبر وسائل الإعلام المتنوعة ما جعل هذا الجيل مهدداً بشكل كبير في عقيدته وأساليب تفكيره ؛ ومن الضروري تعويد الأبناء على تحمّل المسؤولية، وممارسة العمل الجماعي القائم على التعاون لحل المشكلات التي تواجههم في الحياة، وتلك صورة جميلة من عمل الفريق لإنجاز المهام المطلوبة وتحقيق المصلحة العامّة.
وخلال حديثها بينت معوقات بناء التكامل الفكري الأسري الذي يحد من التوافق والانسجام الفكري الأسري ويمنع تحقيقه، ومن هذه المعوقات:
– قيام الأسرة على أسس غير صحيحة، وسوء اختيار أحد الزوجين أو كليهما للآخر، الأمر الذي يؤدي إلى الخلافات والاضطرابات الأسرية، وإلى ظهور مظاهر التفكك والعنف الأسري، وهذا يحول دون تحقيق التماسك والانسجام في العلاقات الأسرية.
– شيوع الأمية بأشكالها (الأُميّة التعليمية والثقافية والتواصلية) بين أفرادها وخاصة بين الزوجين- ما يؤثر سلباً في العلاقات الأسرية؛ ففي هذه الحالة تقوم العلاقات على العشوائية والتبعية والمزاجية، وينحصر دور الآباء في التربية الجسدية فقط، وتأمين الحاجات المادية للأسرة على حساب جوانب التربية الأخرى، التربية الفكرية التي تشكّل عماد التكامل الفكري الأسري.
– تحقيق الذات وإثباتها، فمع أن تحقيق الذات وإثباتها من دلالات الصحة النفسية للإنسان وأحد محفزات التكامل الفكري إلّا أن الفرد قد يشعر بأن العمل على بناء التكامل الفكري الأسري وتحقيقه يكون على حساب إثبات قدراته وتميزه الفكري، الأمر الذي يهدد مكانته وتميزه، فيلجأ الفرد إلى الانفراد بالفكر والرأي ويحاول الظهور على غيره.
– استخدام الممارسات غير السّوية في التربية الأسرية، كالقسوة والتسلط والإهمال والتفرقة والتذبذب والقمع والعنف، ما يؤدي إلى كبت الأفكار.