مسابقة التوظيف والمستقبل
بينما تقوم وزارة التنمية الإدارية بإجراء الامتحانات الخاصة بمسابقة التوظيف المركزية.. نتساءل عن مدى انسجامها مع خريطة المهن والوظائف المطلوبة في أسواق العمل في المستقبل.. وبالتأكيد ليس المقصود الأسواق الحالية التي تعاني ما تعانيه من ترهل وهجرة للمهارات والكفاءات بسبب ظروف خارجة عن إرادة المعنيين.. لكن الأوضاع الراهنة للوظيفة العامة ووضع العاملين في الدولة كما نتوقع هي حالة مؤقتة في ظل التطورات القائمة في خريطة المهن والوظائف المطلوبة في المؤسسات العامة والخاصة والتي تعتمد بشكل كبير على تحفيز التفكير الابتكاري.. فقد أفرزت الأزمات المتلاحقة في كافة القطاعات الحكومية وغير الحكومية الحاجة إلى أفكار ابتكارية سريعة تتجاوز الأزمة وتكون قادرة على العمل في ظل المتغيرات السريعة والمفاجئة والمتقلبة وفي كل الأحوال والظروف مهما اشتدت الصعوبات.. ولاشك في أن المستقبل بالعمل سيكون لهؤلاء ممن يمتلكون المهارات وإدارة الأزمات والتفكير بحلول سريعة ومجدية تتجنب الوقوع في المطبات والأزمات ولا تكون فريسة لها وتعاني من ضغوطها وتداعياتها السلبية والقاسية على الإنتاج والعمل والوضع المعيشي..
إن التداعيات التي يعانيها الاقتصاد السوري بشكل عام بشقيه العام والخاص والذي أثر في الإنتاج والخدمات وكل القطاعات وبشكل أساسي على الصناعة والزراعة يظهر أن الاتجاهات التكنولوجية والتجارة الإلكترونية والتسويق الإلكتروني والتحويل الرقمي يساعد بالكثير من حلّ هذه الأزمات ويتجاوز العقوبات والسوق المحلي وبالتأكيد فإن الاقتصاد المعرفي هو العنوان العريض لنماذج التشغيل التي نحتاجها بالمستقبل.
ورغم الجهود الطيبة التي تبذلها وبذلتها وزارة التنمية الإدارية فنحن معها نتطلع إلى تغيير كبير في ديناميكيات مشهد التوظيف.. بحيث يعتمد على الأتمتة لتشكيل العمل والمهارات المطلوبة للعمل بما يجعل الطلب على المهارات المعرفية المتقدمة والمهارات السلوكية الاجتماعية في مقدمة الاحتياجات للوظائف المستقبلية مقابل تضاؤل الطلب على المهارات الخاصة بالوظيفة الضيقة.. وفي الوقت نفسه، يزداد الطلب على المهارات المرتبطة بـالمقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة والتي باتت طابعاً رئيساً لاقتصادنا وبلادنا بسبب المتغيرات العالمية الكثيرة التي تحيط بنا .
وبشكل عام يشكل كل من عاملي التفكير النقدي والمهارات المعرفية والتكنولوجية والذكاء الاجتماعي مع العاملين وفرق العمل المحرك لما نحتاجه من إبداع لإحداث التغيير المنشود نحو الخروج من حفر الأزمات، والتطلع نحو وظائف تحقق التغيير المنشود في المستقبل القريب وليس البعيد كما يعتقد الكثيرون .