لتُرفع العقوبات أولاً
يُقحم الغرب المتأمرك نفسه في مؤتمراتٍ لا طائل منها سوى إطالة أمد الأزمات، وما يسمى «مؤتمر دعم مستقبل سورية والمنطقة» ليس في المحصلة إلا إحدى الأوراق الغربية المحروقة، إذ يتوقّع منه أيّ شيء عدا موضوع الدعم المزعوم الذي يتشدقون به، لأن من يشنّ الحرب على بلد، ويوقد نار الاقتتال والصراعات فيه، ويعمد إلى تدمير بنيته التحتية ليس في وارده أبداً البحث في دعم مستقبله وبنائه، وإنما مجمل القضية، والهدف أولاً وأخيراً هو التسييس والكيل بمكيالين.
كيف يمكن أن تقوم لأيّ مؤتمر قائمةٌ من دون أن يكون الطرف المعني جزءاً منه، أيّ سورية؟ عن أيّ مستقبل عندها يمكن التحدّث؟ ومن المخوّل بالتحدث عن مستقبل سورية لكونها الطرف المعني بـ«الجوقة» الغربية؟.
في الواقع، إن المقصود بمستقبل سورية في هذا المؤتمر، “وهذا الأمر خلف الواجهة” هو المستقبل الذي يراه الغرب مناسباً له وعلى مقاس أهدافه بسلطة سياسية يأتي بها، ومجتمع مفكّك وهوية مفقودة، وثروات قيد النهب، أما في الواجهة فلا تظهر إلا القضايا الإنسانية المزعومة، التي تمرّس في ادّعائها الغرب، إذ إنه هو من يشعل الأزمات ويفرض العقوبات بلا أي رادع أو اعتبار للقانون والأخلاق والإنسانية، ويتسبب بمعاناة الشعوب.
إن الدعم الحقيقي لمستقبل سورية لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال ورفع العقوبات غير الشرعية الأحادية الجانب المفروضة عليها وعلى شعبها والمساهمة الفاعلة والحقيقية في إيجاد حلّ سياسي مقبول، أيّ المساهمة فيما يعمل عليه الجادون في مساعدة الشعب السوري من أصدقاء وحلفاء، وليس عرقلة تلك الحلول سواء مباشرة أو على نحوٍ غير مباشر عبر وكلاء وأدوات إرهابية على الأرض، ليس هذا فحسب بل المساهمة أيضاً في دعم عودة اللاجئين ممن هجرهم الإرهاب الأمريكي- الصهيوني- الغربي، من دون شروط مسبقة أو تسييس والدفع نحو الاستقرار، فهكذا يكون الدعم وما عدا ذلك لا قيمة فعلية له.
كما أن الانتقائية في تحديد من يحضر ومن لا يحضر أعطت صورةً مسبقة عن النيّات المبيّتة والخبيثة، فعدم دعوة سورية، وكذلك عدم حضور روسيا بصفتها الحليف والصديق، وعدم رعاية المؤتمر أممياً، كل هذا يجعل عقد هذا المؤتمر ليس ذا قيمةٍ، ولسنا في وارد انتظار النتائج، فالأمر جليّ وواضح، ولا يختلف عليه عاقلان، فأين تعهّدات الدورة الخامسة من المؤتمر العام الماضي بتقديم 6.4 مليارات دولار من أجل مساعدة السوريين داخل البلاد وفي دول الجوار؟
باختصار هذه المؤتمرات بصيغتها الحالية لا تتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة الناظمة للعمل الإنساني وهي تتمّ بدون مشاركة الدولة المعنيّة وعليه فإن الحرص على مساعدة الشعب السوري بشكل حقيقي يتطلّب في المقام الأول تغيير المقاربة الخاطئة التي لا زال يتبناها منظّمو المؤتمر والمشاركين فيه وإنهاء الاحتلال ووقف نهب ثروات الشعب السوري ورفع الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة عليه.