ارتفاع في أرقام الجريمة …ما الذي يقف خلف تلك الزيادة ..؟!!
بسبب عواء كلب نشب خلاف بين عائلتين متجاورتين في محافظة الحسكة، جريمة غريبة و مروعة في آن معاً ، راح ضحيتها ستة أشخاص وعشرات الضحايا , هي واحدة من الجرائم التي باتت تتناهى إلى مسامعنا دون أن تتعدى مشاعرنا حدود الدهشة ونتابع تفاصيل حياتنا وكأن شيئاً لم يحدث..! فقد كثرت في الآونة الأخيرة الجرائم بأنواعها ووصلت إلى حدّود أن الأخ يقتل أخاه ، أو الأخت تساعد في قتل شقيقتها. فمن منّا لم يسمع بالخال القاتل لابن أخته الوحيد لأهله ، والمعروف بحسن خلقه وسمعته الطيبة من أجل بضعة ملايين, هذه الجريمة التي وقعت في ريف دمشق وهزّت المجتمع السوري ، من منا ينسى جريمة قتل نفذها شابان في منطقة بيت سحم، بعدما أقدما على اقتحام أحد المنازل وتكبيل صاحبه ومن ثم اغتصاب زوجته أمامه وبعدها قاما بطعنه عدة طعنات وقتلا زوجته وأطفاله وسرقا مبلغاً مالياً وأحرقا المنزل قبل أن يلوذا بالفرار إلا أن بقاء الزوج على قيد الحياة ساهم في كشف الجريمة والفاعلين.
قد تكون سنوات الحرب وما خلّفته من آثار على المجتمع السوري ليست وحدها السبب في ازدياد معدل الجرائم ، لتزيد (الطين بلّة ) الظروف الاقتصادية الخانقة، إذ أكد رئيس هيئة الطب الشرعي أن جرائم القتل ارتفعت ارتفاعاً طفيفاً لم يتعدّ 10% وهذا يعود لمتابعة الجهات المختصة للجناة وتسليمهم لنيل عقابهم، كما يقترح أهل الخبرة تركيز اهتمام الجهات المختصة على مكافحة البطالة وتحسين الواقع المعيشي كأحد الحلول للحد من انتشار الجريمة .
10% ارتفاع في معدل الجريمة
يؤكد د. زاهر حجو رئيس هيئة الطب الشرعي أن الجريمة شهدت ارتفاعاً طفيفاً عما هي عليه قبل سنوات الحرب بزيادة لا تتجاوز 10%، مشيراً إلى أن عدد الضحايا وصل في العام 2020 إلى نحو 435 ضحية لجرائم القتل المرتكبة لتزداد زيادة طفيفة في العام الماضي 2021، إذ وصلت لنحو 460 ضحية , كما سجل هذا العام لغاية الآن 137 ضحية، لافتاً إلى أن معظم هذه الجرائم المرتكبة تتركز في محافظتي درعا والسويداء بسبب الظروف السائدة هناك.
وأضاف : توجد عدة أسباب لمحدودية الأعداد مقارنة مع دول الجوار من وجهة نظر د. حجو ، منها أن الشعب السوري مسالم جداً، إضافة إلى متابعة الجهات المختصة للجرائم التي تحدث وإلقاء القبض على الجناة بفترة قياسية .
ضمن الحدّ الطبيعي
صنف المحامي العام في دمشق خالد المعربوني موضوع الجرائم ضمن النسب الطبيعية المعتادة لكن- وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بانتشارها، باستثناء جريمة السرقة التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة ، لافتاً إلى أن الجرائم التي شهدت زيادة يمكن تصنيفها ضمن نوعين , الأول :جرائم المعلوماتية (الذم ، القدح ، الاحتيال عبر الشبكة)
النوع الثاني: جرائم السرقة باختلاف أنواعها ولاسيما سرقة الهواتف المحمولة التي تحصل بكثرة في أماكن التجمعات أو مراكز انطلاق الحافلات وفي الأسواق أيضاً.
بسبب الظروف المعيشية
يعزو المحامي العام أسباب ازدياد جريمة السرقة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة لبعض شرائح المجتمع، بحيث قد يصبح من المتعذر لدى بعض الأفراد تحمّل الأعباء المعيشية, الأمر الذي يدفعه في (غفلة الضمير) إلى السرقة لتغطية نفقاته.
تطوير القوانين
يرى المحامي العام أن أي قانون بحاجة للتعديل، لأن القوانين تعبر عن ثقافة المجتمع وعصارة تجاربه , لذلك من المهم تطوير القوانين بما يتلاءم مع التطورات الراهنة، لافتاً إلى أن القوانين السورية ومنها قانون العقوبات يقارب في نصوصه القوانين المماثلة في الدول المجاورة ويحقق في معظمها الغايات المرجوة , على سبيل المثال شهدنا تعديلاً ببعض المواد مثل سرقة السيارات, مبيناً في حال كانت السرقة جنائية الوصف تكون العقوبة بالسجن من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة، وقد تصل في بعض الحالات إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وفق المادة (622 )من قانون العقوبات ، وهذه تتعلق بالسرقات الخطيرة التي تستدعي عدة ظروف كأن يكون السارقون مقنّعين وبحوزتهم أسلحة وتقع الجريمة في مكان سكن الناس أو انتحال صفة أمنية.
عقوبات
يستعرض معربوني عقوبات بعض الجرائم , فعلى سبيل المثال عقوبة جرائم القتل التي تحمل عدة أنواع , منها القتل العمد الذي يعاقب عليه القانون بالإعدام عند توفر الظروف التي نص عليها قانون العقوبات والمادة ( 535) التي نصت على جريمة القتل بالإعدام إذا ما وقع عمداً أو تمهيداً لجناية، أو إذا وقع القتل على أصول المجرم أو فروعه،إضافة إلى القتل القصد الذي نصت عليه المادة 333 التي تعاقب بالسجن لمدة عشرين عاماً ، كما أن القتل غير القصد يعاقب عليه بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات .
وتحدث عن عقوبة جرم السرقة التي لها أكثر من وصف إما جنحوية أو جنائية يعاقب عليها القانون حسب المادة 634 بالسجن من شهر إلى سنة . ويتعلق بجرم السرقة التي نصت عليها المادة (628) المتعلقة بالسرقة ليلاً مع تعدد الأشخاص فتكون العقوبة بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات .
أسباب اجتماعية
في حديث للباحث الاجتماعي د. حسام سليمان الشحاذة أكد فيه أن الأميّة والجهل والمستوى التعليمي من الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدل الجريمة، إضافة إلى عوامل أخرى , منها عدم الاستقرار النفسي والانفعالي الذي يعاني منه الفرد، وتدني مستوى الشعور بالأمن النفسي وعدم القدرة على مواجهة الضغوط النفسية وخاصة تلك التي برزت خلال سنوات الحرب.
وركز الشحاذة على أهمية العوامل الاجتماعية والأسرية والتي تعدّ من أهم العوامل التي تزيد من معدل ارتفاع الجريمة، مثل غياب الوعي الأسري بأهمية التنشئة السليمة والأخلاقية للأبناء، والتي يجب أن تقوم على الحوار والمناقشة بما يتناسب مع مستوى القدرات العقلية، ليأتي بعدها رفاق السوء ووسائل التواصل الاجتماعي .
الحرب زادت الأسباب
لا شك أن سنوات الحرب ضاعفت من الأسباب الموجبة لارتكاب الجنح والجرائم ولا سيما بين شريحة الشباب، وخاصة ما حصل من غلاء معيشي وبطالة، ومن المعروف أن معدل الجريمة قبل سنوات الحرب كان أقل من المعدلات الحالية، وهذا يعود للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والصحي الذي كان سائداً حينها. وقدم الباحث الشحاذة عدة اقتراحات للحد من انتشار الجريمة هي:
نشر الوعي في المجتمع خاصة بين المراهقين والشباب وفي المدارس.
والتركيز على إقامة ندوات توعوية في السجون ومراكز الأحداث لتوعيتهم.واهتمام الجهات المختصة بمكافحة البطالة وتحسين الواقع المعيشي. وأيضاً العمل لإعادة إدماج الشباب بالمجتمع وتمكينهم من التكيف والتعايش.