رأى مقال نشره موقع “نيو إيسترن آوت لوك” أن ما يسمى بـ”الحرب الباردة الجديدة” التي تختمر بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى تختلف عن الحرب الباردة لما بعد الحرب العالمية الثانية من ناحيتين أساسيتين: ليس لها جذور في أيديولوجيتين متعارضتين، أي الشيوعية والرأسمالية، وهي أقل ارتباطاً بإرساء التفوق العسكري من حيث تحقيق تفوق نووي دائم على كتلة منافسة.
وقال المقال: إن المرحلة الحالية من التنافس بين الولايات المتحدة وبين الصين وروسيا تدور حول الحفاظ على الهيمنة الأمريكية أحادية الجانب على الاقتصاد والتكنولوجيا ومجال النفوذ العالمي أكثر من كونها تتعلق بالقدرات العسكرية الهجومية والدفاعية، ففي حين تضمنت الحرب الباردة الأولى معاهدات التحكم في التسلح النووي وكانت أوروبا محورها، فإن “الحرب الباردة الجديدة” تدور حول التقدم التجاري والصراع حول التكنولوجيا وهي تتطور في آسيا والمحيط الهادئ، المركز الناشئ للنمو الاقتصادي العالمي.
وأضاف المقال: في حال كان الأمر يتعلق فقط بالتفوق العسكري لناحية العدد، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تحظى به، حيث تمتلك حوالي 20 ضعفاً من عدد الرؤوس الحربية النووية بالنسبة الصين، وهي في وضع أفضل لاستخدام قوتها العسكرية على نطاق عالمي مع 800 قاعدة عسكرية في الخارج، مقارنة بالصين مع قواعدها الخارجية الثلاث.
وتابع المقال: لكن من حيث الاقتصاد والتقدم التكنولوجي فإن بكين تستعد لتجاوز واشنطن بنهاية هذا العقد، وفي الواقع، توضح مراجعة الحكومة البريطانية المتكاملة للأمن والدفاع والتنمية والسياسة الخارجية التي نشرت مؤخراً أن منافسة الغرب مع الصين مختلفة، وتتطلب إطاراً جديداً للسياسات المتكاملة التي تغطي مختلف مجالات الجغرافيا السياسية والجغرافيا الاقتصادية والجغرافيا الإستراتيجية، كما تشير المراجعة البريطانية إلى عدم اشتمال التركيز المتزايد على آسيا على القواعد العسكرية وأنظمة الدفاع الحديثة.
ورأى المقال أن اهتمام الولايات المتحدة المتزايد ببناء تحالفات جديدة في آسيا والمحيط الهادئ دليل استجابة لوجود الصين في الاتفاقيات متعددة الجنسيات، بما فيها الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، والتي توضح كيف تتفوق الصين بشكل متزايد على الولايات المتحدة من حيث الاقتصاد السياسي الدولي.
وأكد المقال أن النمو الاقتصادي الصيني قد تجاوز بالفعل الولايات المتحدة في نواح كثيرة، كما أن وجود روسيا، بروابطها المتنامية مع أوروبا، يُظهر أن الولايات المتحدة قد فقدت بالفعل قدرتها التنافسية الشاملة في مواجهة حلفائها وأعدائها على حد سواء. وبالتالي، فإن “الحرب الباردة الجديدة” تتعلق بوقف هذا التراجع أكثر من كونها تتعلق بالتفوق على الصين وروسيا من حيث عدد الرؤوس الحربية النووية والطائرات المقاتلة وحاملات الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي الحديث.