أردوغان مسكون بهواجس الماضي
“نضال تركيا من أجل الاستقلال والمستقبل مستمر اليوم أيضاً وليس من قبيلة المصادفة أن أولئك الذين يسعون إلى استبعادنا من شرق البحر المتوسط هم الغزاة أنفسهم الذين حاولوا غزو وطننا منذ قرن من الزمن”، هذا بعض ما قاله رئيس النظام التركي رجب أردوغان في ما يسمى الذكرى الـ98 لمعركة “دام لوبينار” التي جرت عام 1922 ضد القوات اليونانية وبنفس الوقت أطلق الاسم على المناورات العسكرية التي تجريها أنقرة حتى 11 أيلول الجاري.. هذه هي طريقة أردوغان للترويج لحروبه وأطماعه وخداع أبناء شعبه وشحذ همم المخدوعين به عبر استحضار التاريخ تارة والجغرافيا تارة أخرى وإسقاطهما على الحاضر لغايات سياسية و”إسلاموية” ليس للاستفادة من أخطاء الماضي وإنما لتوظيفها زوراً في الحاضر والمستقبل.
وكانت أولى التحرشات التركية إرسال سفينة أبحاث مصحوبة بسفن حربية للتفتيش والتنقيب عن احتياطات الغاز والنفط، بدءاً من السواحل الليبية بشرق المتوسط وصولاً إلى الجرف القاري لكل من قبرص واليونان.
والسؤال: ماذا يريد أردوغان من افتعال الحروب والأزمات بدءاً من سورية مروراً بالعراق وليبيا وقبرص وأرمينيا وصولاً إلى اليونان؟
هل الهدف الإبقاء على من تبقى من أنصاره وراءه، أم لصرف أنظار الموالين من مواطنيه عن مشكلاتهم الداخلية؟ أم كعادته الهروب إلى الأمام للإعلان عن موعد انتخابات مبكرة؟ أم لإشغال الجيش بمغامرات غير محسوبة خارج الحدود ويريد إبعاده لأنه يخشاه من حدوث انقلاب حقيقي وهم الذين رفضوا أوامره بالأمس بتدمير سفينة يونانية، أم لاحتلال أراض جديدة كما يروج لها أركانات حزبه لما يسمى “تركيا الكبرى أو تركيا العظمى” أم مسكون مثل كل مريديه “الإسلامويين” بأساطيرهم الخرقاء “العثمانية الجديدة ” وعودة “الباب العالي و”السلطان” و”أمير المسلمين” أم لإشغال الرأي العام التركي بالوعود الزائفة “لوقف” التدهور المستمر بالليرة وإيقاف نزيف انشقاقات كبار الحزبيين عن” العدالة والتنمية” أم تعميق الايدولوجيا “الإخوانية” العالمية بزعامة أردوغان أم كلها مجتمعة.
هذه الطموحات تساكن وتناجي الإطماع الصهيونية- الأمريكية، خاصة بعد اعتزام الأخيرة أنشاء مركز للطاقة في المتوسط وإعلان “اكسون موبيل” الأمريكية أيضاً الدخول على خط التنقيب في شرق المتوسط.
وهذا أثبت للقاصي والداني أن الخلافات حول التنقيب عن النفط والغاز والحدود المائية وإطلاق المناورات والمناورات المضادة ما هي إلا مسرحية معدة من المايسترو الأمريكي بالتوافق مع النظام التركي والكيان الصهيوني لخلط الكثير من الأوراق وبالنهاية تحقيق مصالحهم على حساب حقوق شعوب المنطقة.