اللعب بالنار
لم يخطر ببال أحد من جيران ليبيا، مصر شرقاً والسودان من الجنوب الشرقي وتشاد والنيجر من الجنوب والجزائر وتونس من الغرب، أن تعبر قوات رئيس النظام التركي رجب أردوغان وإرهابيوه ومرتزقته وأسلحته بكل صنوفها عبر خاصرة المتوسط الرخوة وتصبح على حدودها، حيث أصبح الخطر جدياً ومباشراً، بل إن أنقرة لن تدخر أي جهد لنشر الأفكار الإخونجية عبر غطاء حزب “العدالة والتنمية” إلى عمق هذه الدول وهذا تهديد مباشر للأمن القومي العربي أولاً والإفريقي وحتى لأوروبا ثانياً.
قد يقول قائل هذه أحلام (السلطان) وطموحاته العثمانية.. وهذا ليس بجديد نقول نعم، لكن لم يكن أحد يتوقع ذلك لا من إيطاليا ولا إسبانيا ولا فرنسا ولا ألمانيا ولا قبرص.. ولا اليونان ولا أمريكا ذاتها.. سوى حليفة أنقرة الخفية “إسرائيل” التي كانت على دراية وتنسيق عالي المستوى مع النظام التركي وإن كان من تحت الطاولة وفي الوقت الحالي لنقل ما يسمى بغازها عبر المتوسط إلى عمق أوروبا من جهة ولضرب الأمن القومي العربي بدءاً من سورية والعراق إلى ليبيا مروراً بالجزائر وتونس وصولاً إلى السودان ومصر سواء عبر حدودها بشكل مباشر أوغير مباشر عبر سد النهضة، وهذا لم يكن ليكون لولا دعم كل من تل أبيب وواشنطن لطموحات (السلطان).
أنقرة تجاهر وتعتبر انتصار ميليشيا فايز السراج وحكومته (الوفاق) في طرابلس انتصاراً لها ودليلاً على “نجاعة وصلاحية الفلسفة العسكرية التركية”.. وهذا مبرر إضافي لكل الأعمال العدوانية التركية هذه الأيام وفي الأيام القادمة ضد الدول التي تقف بطريق طموحات أنقرة العثمانية الجديدة، وهذا كان واضحاً وضوح الشمس بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال: (اليوم مات دماغ الناتو)عندما أوقف مشاركة فرنسا في العملية البحرية (حارس البحر) قبالة السواحل الليبية التابعة لحلف شمال الأطلسي عندما تحرشت فرقاطة تركية بتوجيه أسلحتها نحو سفينة فرنسية كانت تحاول تفتيش سفينة ترفع علم تنزانيا.. تشي التقارير أنها كانت تهرب أسلحة تركية وإسرائيلية إلى ميليشيا حكومة (الوفاق).
وهذا ما دفع بمستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي روبرت أوبريان بالقول: يجب على حلفاء “ناتو” ألا يرفعوا الأسلحة على بعض وهذا ليس بالشيء الجديد، إذاً وكما هو واضح أن النظام التركي يهرب إلى الأمام من أزمة إلى افتعال أزمات جديدة مع مواطنيه، ومع جيرانه الأقربين، ومع حلفاء الأمس، بل مع كل العالم، وهذا يهدد وحدة “ناتو” والسلم الدولي ويجعل المتوسط والمنطقة على صفيح ساخن بل على فوهة بركان وهذا ما يريده أردوغان لإطالة عمره السياسي فترة إضافية .