«نهفات بو غسان»
أبو غسان، نهفة من نهفات ضيعته، لم يكن مختاراً ولا حتى أمينا للفرقة الإرشادية، لكنه نصّب نفسه مختاراً للحي، فتدخل بكل شاردة وواردة تهمّ المعارف والجيران الذين ضاقوا بتدخلاته اللامحدودة، وصار الجميع حتى أهله ينتظرون يوم تقاعده حيث سينتقل إلى مزرعته في الجرد.
تقاعد أبو غسان وانتقل إلى الجرد بعد أن (ضمَّنَ) من أصحابه كم بقرة وكم خروف، ربى معهم كلباً وحماراً، وزرع أبو غسان حاكورة خضار منتوجها مع حليب قطيعه المتواضع كان يجمعه وينزل به كل ثلاثة أو أربعة أيام لبيعه في المدينة.
أبو غسان انقطع عن أخبار العالم، حيث لا جريدة مطبوعة موجودة ليقرأ منها حال البلديات وطالعه وأخبار الفنانات، ولا تغطية (موبايل) ممكن أن تصله بالعالم خارج سَمْت الجرد..
يوم نزل أبو غسان آخر نزلة على سوق المدينة صادفه جاره أستاذ المدرسة فحكى له أخبار الضيعة والفيسبوك وطمأنه على حال الفرّان أبو عدنان وطحينه المهرّب للتجار وعن جاره الدكنجي الذي ما زال يسترزق بـ «رز وسكر المعونات» حيث يشتريها من أصحابها بثمن بخس ويبيعها بالمفرق أضعاف ثمنها للأشخاص نفسهم، وحكى له أيضاً عن كل بيت يدّرس فيه دروساً خصوصية، وكيف بخل أبو سامر وبهيج وخاله تمّام عن تقديم كاسة شاي للاستاذ، وفي سرفيس الرجعة للمزرعة نبهه الركاب احذر (يا بوغسان) كلبك إن صار خارج سور الدار عليك أن تدفع ضريبة لفريال رئيسة البلدية..
“بو غسان” وصل إلى مزرعته وهو يضرب أخماساً (الخمسة عشرة ألفاً) بأسداسه. جمع حيواناته وصار يحسب نسبة ربح أصحاب الأبقار والخراف مقابل الرعاية والعلف والمبيت، فاستنتج أنه خسران وصرخ بأعلى صوته: لا بدّ من تطبيق الضريبة على بقرات سهيل وخواريف نعمان.. هنا «شنهق» الحمار مرات حتى ملأت «شنهقته» الأرجاء.. إلا أن آذان «أبو غسان»كانت من طين ومن عجين.. “بو غسان” اعتاد صوت «شنهقة » الحمير.