هل تشهد اقتصاديات المرأة الريفية والمشاريع الصغيرة دعماً…  وكيف يساعد الفقراء أنفسهم؟ 

الحرية- محمد فرحة:

تشكل اقتصاديات المرأة الريفية اليوم عنصراً مهماً في اقتصادياتنا رغم ضعف الاهتمام، وكل ما قيل من قبل الحكومات السابقة من تصريحات وورشات عمل في كل المحافظات السورية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر سابقاً، إلا أن النتائج كانت صفراً، فقط تصريحات من دون تقديم أي دعم أو مساعدة، وتُرك المشتغلون بهذه المشروعات “يقلعون أشواكهم بأيديهم”.

رغم أن الأمم المتحدة قدمت وثيقة لمؤتمر السكان الذي عقد منتصف التسعينيات في القاهرة، أكدت أن مفتاح التنمية الحقيقي هو المرأة الريفية، شريطة دعمها وتقديم كل المساعدات لها من أجل تعزيز اقتصادها البيتي.

واليوم سنتوقف مع نماذج عدة من هذه الأمثلة، حيث تغص أسواقنا منذ ساعات الصباح الباكر بمئات النسوة وقد افترشن الأرصفة لطرح وبيع منتوجاتهن حيناً، وما أحضرنه من حشائش برية تؤكل مثل “القرص عنّه والهندباء والسلبين والخبيزة والدردار والجرجير الطبيعي الذي ينمو على سطح المياه العذبة”، زد على ذلك بعض خضراوات المزروعات البيتية، كالبصل الأخضر والسبانخ والسلق والبقدونس، لبيعها مباشرة إلى المستهلك، وهي مأكولات نباتية نظيفة، ولذلك يحرص المستهلكون على شرائها لسببين، الأول لكونها موسمية برية تنبت كل عام مع بداية فصل الشتاء، ونتحدث هنا عن” القرص عنّه والهندباء والدردار والخبيزة”، وهي ذات قيمة غذائية عالية، في حين يشتري المستهلكون بقية الخضراوات من البائعات الريفيات من باب الإحسان والتعاطف معهن أو مع جيلٍ من الشباب الذي فقد عمله ولديه أسرة وأطفال ويريد إطعامهم أي تحت وطأة الحاجة.

في لقاءٍ مع عدد مع البائعات والبائعين، أوضحت فاطمة محمد أنها تأتي إلى سوق مصياف منذ الصباح الباكر بحثاً عن مكان تستطيع طرح ما تحمله من حشائش برية كالخبيزة والدردار والهندباء وغير ذلك، على أمل أن تبيع ما تحمله مبكراً كي تتمكن من العودة إلى بيتها.

وفي معرض جوابها على سؤال: أليس هذا متعباً؟ وكيف يتم استحضار هذه الخضراوات البرية؟ أشارت إلى أن الحياة أقسى من كل ذلك بكثير.

وتابعت: نريد أن نعيش ونؤمن ثمن عيشنا وثمن خبزنا ولدي عدة أولاد، وأجور النقل، حيث لم نعد نقوى على التنقل، وذلك دون حسيب أو رقيب، فالأجرة التي كانت /٥٠٠ / ليرة أصبحت اليوم ثلاثة آلاف وأحياناً أربعة آلاف ليرة.

في حين ذكرت بائعة أخرى أن عملية تأمين هذه الخضراوات كـ”القرص عنّه والدردار” تتطلب بحثاً طويلاً في البرية، وخاصة أن هذا العام لم يشهد أمطاراً تعجل في إنبات وتوفير هذه الخضراوات.

وزادت على ذلك، إن عملية تأمين ٢ كغ من “القرص عنّه”، يتطلب أكثر من خمس ساعات في البحث عن مكان تواجده، ويأتي شخص ويساومنا على الأسعار.

إلى ذلك، أكد عدد من المستهلكين أنهم يحرصون على شراء منتجات تلك البائعات رأفة بحالهن، فهن يجلسن في الشارع على الأرصفة، وبانتظارهن أولادهن في البيت، في حين صاحب المحل لا مشكلة عنده إن باع ما أحضره من خضراوات من سوق الهال اليوم أو غداً، فبيته قريب.

في حين أكد محمد إبراهيم أنه يتعاطف كثيراً مع هؤلاء البائعين الذين يفترشون الأرصفة وعلى الإسفلت، وبعضهم من أحضر معه كرسياً وبعضهم يبقى واقفاً لأربع ساعات وأحياناً أكثر من ذلك.

حاولنا معرفة رأي الرقابة التموينية ما إن كانت هناك تسعيرة يجب أن يتقيد بها هؤلاء الباعة والبائعات، فكان جواب رئيس شعبة حماية المستهلك في مصياف المهندس باسم حسن أن لدينا اليوم السوق الحرة التنافسية، كما كل المواد الغذائية وغير الغذائية، وهذه يجب أن تكون هناك تسعيرة لها، لكن مثل المأكولات البرية، فمن الصعب تحديد سعرها، والمواطن يبحث عن الأرخص وما يناسبه.

بالمختصر المفيد: ينتظر هؤلاء الباعة أن تقدم لهم التسهيلات والدعم لإنشاء مشروعات صغيرة ريفية، فواقع الحال اليوم قاسٍ وصعب جداً، وجلّ الموظفين لم يتقاضوا رواتبهم، و”الجمل بدرهم ولا يوجد الدرهم” فكيف يشتري المواطن؟

الواقع الآن بأمس الحاجة إلى دعم وإيجاد مشاريع صغيرة يعتاش منها البعض، خوفاً من تفاقم القلة والعوز وما ينتج عن ذلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار