خصخصة أم احتفاظ؟

الحرية:

لا شك في أن المسؤولين عن القطاع الصناعي العام قد صدموا بالواقع، ووجدوا أنفسهم أمام باب المغارة بعد أن نهبها الأربعون حرامي..!

في العهد السابق كانت الوعود والتظاهر بالعمل هي السائدة، لإكساب الفاسدين مزيداً من الوقت لسرقة المال العام، إذ تم طرح عشرات الخطط والإستراتيجيات والرؤى للنهوض بواقع الصناعة العامة، لكن ذلك كان يترافق مع الازدياد في سرعة انهيار المؤسسات والشركات العامة، لأن الغاية كانت عكس المعلن..

الشماعة الأكبر التي كان العهد القديم يعلق عليها فشله هي العمالة الفائضة، وأن سبب الخسارات والتراجع هو الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة، وعدم التخلي عن العمال والموظفين، إلا أن الذي كان سائداً هو عقد الصفقات والمتاجرة بأملاك الشعب والعمال، إذ كان معظم مسؤولي القطاع الصناعي العام يخرجون بثروات، لا بل ويستثمرونها وأبناؤهم بنحاح في الصناعة نفسها.

ما يهمنا اليوم هي المعالجة الدقيقة لوضع هذا القطاع، فهل التخلي عنه والخصخصة  وتسريح عماله أو  نقلهم إلى جهات أخرى هي الحلول؟ أم الحفاظ على المؤسسات والشركات الناجحة أو التي من الممكن التعويل عليها ومن ثم تحديثها وتطويرها؟

الجواب والقرار لا يمكن ولا يجوز التسرع في إصدارهما، فالأمر يحتاج إلى دراسات اقتصادية اجتماعية على مستوى الاقتصاد الكلي، فالتسرع في الأحكام واستسهال الحلول بالتخلي، قد يكون لهما تبعات خطيرة، لا تحقق الأهداف المعلنة بنيات صادقة..

مقابل الفاسدين الكثر الذين عاثوا فساداً سابقاً، هناك كوادر مخلصة كانت تعمل بضمير، تم إقصاؤها بعد أول كلمة حق او قرار اقتصادي سليم تتخذ منهم، كما يوجد لدينا آلاف من الخبراء والشباب المبدعين في الخارح الذين يجب إشراكهم في الدراسات وعمليات التقييم، وهنا يمكن استعارة جملة كررها وزير الزراعة خلال الأيام الماضية، وتوظيفها في القطاع الصناعي، وهي ضرورة الاعتماد على أرقام دقيقة حتى نتخذ قرارات صحيحة.

صحيح أن الربح هو المعيار في عالم الصناعة، لكن بمنطق الدولة فالأولوية الموازية هي تحقيق التوازن في السوق الداخلية، تحقيقاً للاستقرار الاجتماعي والانتعاش الاقتصادي، وهذا يجب أن يترافق مع وضع معايير حوكمة صارمة، وتفعيل الرقابة والمحاسبة، وتوفير مظلات حماية اجتماعية للعمال الذين قد يتخذ قرار بعدم إمكانية استيعابهم، تضمن لهم كراماتهم، حتى تشمل نتائج الرفاهية المنتظرة جميع أفراد المجتمع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار