“النقل” تتابع عن قرب دخول السيارات المستوردة.. والسوق المحلية بحالة تفاعل تماشياً مع انخفاض الرسوم الجمركية لها 

الحرية – محمد زكريا:

كان حلماً صعب المنال، راود عقول وأذهان السوريين على مدار عقد ونصف من الزمن، تحول مع بداية التحرير إلى حقيقة سهلة المنال، يصعب فهمها للوهلة الأولى، حيث أصبح بإمكان أغلبية السوريين في الداخل أن يقتنوا سيارات حديثة، ولاسيما في ظل الانهيار السريع في أسعار السيارات، وذلك نتيجة تخفيض رسوم الجمركة إلى النصف عن السابق ودخول سيارات تناسب رغبة السوريين، فضلاً عن حالة التعطش للسيارات الحديثة.

دون سابق إنذار

بالنظر إلى ما حصل يمكن القول، إنه و من دون سابق إنذار، تحولت الأسواق المحلية للسيارات من حالة التعطش إلى حالة الإغراق  المفرطة، تضمنت عروضاً كثيرة من السيارات الحديثة وأسعاراً منخفضة دغدغت رغبة المستهلكين، وذلك بعد أن سمحت الحكومة الحالية باستيراد السيارات برسوم جمركية منخفضة عن السابق بنسبة 70 إلى 80%، وعلى الرغم من وجود هذه الإغراءات إلا أنه لا يزال الحذر والتخوف ينتاب الكثير من التجار والمستهلكين، طبعاً مرد تخوفهم  نابع من حالة الفوضى في سوق السيارات وتفاوت الأسعار بين معرض وآخر، إضافة إلى توقف العمل في مديريات النقل بالمحافظات، وبالتالي فإن عقود البيع والشراء تبقى بين الطرفين على الورق دون حالات الفراغ لدى دوائر النقل، في حين البعض الآخر من التجار استغلوا الحالة، وبدأوا في توسعة متاجرهم شبه الفارغة من السيارات الحديثة غير مكترثين لما يقال ويحكى عن تخوفات تطول هذه الأسواق.

إجراءات فنية

مدير المديرية العامة لاستيراد السيارات في وزارة النقل  المهندس عبد اللطيف شرتح،  أوضح أن الوزارة  أبلغت المستوردين بفتح إذن استيراد السيارات الحديثة السياحية ذات العمر الفني الممتد من 2011 حتى العام الحالي، والمستوردون بدأوا باستيراد السيارات من معبر نصيب الحدودي مع الأردن منذ 20 يوماً.

وبين شرتح لصحيفة الحرية أن الوزارة تقوم بإجراءات الفحص الفني للسيارات المستوردة، ومطابقة جميع الأوراق والثبوتيات، مع منح المركبة لوحة تجربة مؤقتة جديدة صادرة عن الوزارة لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد لمدة عام، وأنه بعد انتهاء الفترة المحددة، يتم تسجيل المركبة في مديريات النقل بالمحافظات أصولاً، مشيراً إلى أن الوزارة بصدد إحداث دوائر نقل جديدة تعنى بلوحات “التجربة”، تكون تابعة للمديرية العامة لاستيراد السيارات، وذلك في المعابر البرية والبحرية، على أن تكون البداية في معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان.

المطالبة بزيادة الرسوم

الخبير الاقتصادي جورج خزام أشار إلى أن التوسع باستيراد السيارات في هذا الوقت يعد خطأ كبيراً، لأنه يؤدي إلى خروج الدولار وارتفاع سعره، وبالتالي نظرياً التاجر والمستهلك الأخير هو من يدفع ثمن السيارة، لكن عملياً كل الشعب السوري يدفع جزءاً من ثمن تلك السيارات، وذلك عندما يخرج الدولار ويزداد الطلب عليه ويرتفع سعره، الأمر الذي يؤدي لارتفاع جماعي بأسعار جميع البضائع في الأسواق،  مبيناً أن هناك أولويات وسلم أفضليات لاستيراد المصانع ووسائل الإنتاج قبل استيراد السيارات، وبالتالي فإن تشغيل أموال التجارة باستيراد وسائل الإنتاج والمواد الأولية أفضل بكثير من استيراد السيارات والتي هي كمالية وعديمة الإنتاجية.

ونوه خزام لصحيفة الحرية بأن إغراق الأسواق بالسيارات المتقادمة من مقابر السيارات في العالم يعني زيادة الطلب على المحروقات وقطع الغيار في المستقبل، ومعه المزيد من استنزاف الدولار وارتفاع سعره، مطالباً الجهات المعنية بالتوقف عن استيراد السيارات بشكل نهائي، أو مضاعفة الرسوم الجمركية عليها لوقف نزيف الدولار، كما أن الجاهزية العامة والفنية واستيعاب هذا العدد من السيارات لم ينظر إليها، حيث إن أغلبية الطرقات العامة غير مجهزة لهذا العدد الكبير من السيارات.

وأوضح أنه مع تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد السيارات، بدأت أسعار السيارات في انهيار وتراجع مخيف، حيث وصلت نسب التراجع إلى حدود 80% من قيمة سعر السيارة.

استبدال القديم بالحديث

سيف الدين شيخ الحدادين، صاحب متجر سيارات في دمشق،  أشار إلى أن حركة مبيع وشراء السيارات ازدادت خلال الأيام الماضية نتيجة فتح الاستيراد وتخفيض الرسوم الجمركية على السيارات، لكن يبقى التخوف قائماً، ولاسيما في ظل بقاء عمليات البيع والشراء لا تزال على الورق بين التاجر والمستهلك.

وأوضح شيخ الحدادين لصحيفة الحرية  ضرورة اتخاذ قرار الاستبدال، يعني استبدال السيارات القديمة بالسيارات الحديثة، معتبراً ذلك هو القرار الأنجح في هذا الوقت، ونوه بضرورة تدعيم البنى التحتية اللازمة والقادرة على استيعاب هذا العدد الكبير من السيارات، ولا سيما لجهة الطرقات والمسارات وتأمين القطع التبديلية لهذه السيارات الحديثة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار