قلعة حلب في نظر الباحثين الأثريين .. الباحث غريب: القلعة آمنة لارتفاعها المهيب
حلب- مصطفى رستم:
لا شك في أن لقلعة حلب حضورها الهام تاريخياً وحضارياً، حيث يعود تاريخها إلى خمسة آلاف سنة، ورغم تعرضها للكثير من الحروب والكوارث وآخرها زلزال (٦ شباط ) العام الفائت، لكنها استطاعت المقاومة وإن تعرضت لأضرار في بعض أقسامها.
الباحث الأثري أحمد غريب والذي شغل مدير قلعة حلب سابقاً تحدث في محاضرة له عن قلعة حلب حملت عنوان “العمارة العسكرية والتحصينات الدفاعية في قلعة حلب” نظمت بالتعاون مع الجمعية العلمية التاريخية بحلب ومديرية الثقافة في المركز الثقافي في العزيزية، حيث أشار إلى الثورة العمرانية الهامة والتي قلبت المعادلة العمرانية للقلعة، وكان ذلك في زمن الدولة الأيوبية وبخاصة ملكها الظاهر غازي بن صلاح الدين بعد انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين على الفرنجة وتحرير بيت المقدس، ودخل سورية وحلب، وفي هذا العهد استقر الوضع الأمني بحلب، وشهد نفحات عمرانية أضافت الجمال لحلب وقلعتها.
ويشير المحاضر إلى أن قلعة حلب كانت بأولى الأعمال العمرانية للظاهر غازي، وقد حصّنها بشكل شديد وبنى فيها العديد من التحصينات العسكرية والتي حمت القلعة عبر التاريخ من دخول الغزاة إليها، ووصفها الرحالة والمؤرخون بوصف عظيم.
ومن التحصينات قيام الظاهر غازي بتسفيح جبل القلعة حول المدخل الرئيس بالحجر الهرقلي لمنع تسلق الغزاة ومن جهة أخرى لحماية الجبل الكلسي من مياه الخندق.
وأشار الباحث غريب إلى قيامه بتحويل مدخل القلعة من باب الجبل إلى الشرق من المدخل الحالي، والذي كان يتصل بدار العدل وبنى البرج المتقدم الجنوبي وجعل مدخل القلعة منه.. ويردف: يعتبر البرج المتقدم أحد أهم العناصر الدفاعية عن القلعة لكونه يتقدم بناء القلعة، ويضم أربع طبقات تتصل مع بعضها بسلالم حجرية.. وقد زود الظاهر غازي حسب الواجهات بمزاغل وسقاطات، ويضم هذا البرج بابين متتاليين، واحد دون الآخر، والباب الرئيسي مدرع صنع من الحديد ووضع عليه حدوات الحصان كرمز وقائي، وتم وضع جسر متحرك في وسط بهو البرج الداخلي يُرفع بواسطة حبال موصولة على عجلات في الطابق العلوي.
وتطرق الباحث إلى قاعة الحصن العظيمة التي تتألف من ثلاث طبقات، الأولى قاعة الدفاع الصغرى ويدخل إليها من الباشورة وبنيت من الحجر الهرقلي الكبير وزودت واجهاتها الثلاث بمرامي مستطيلة للسهام، وفوقها بنيت قاعة الدفاع الكبرى، ويُدخل إليها من الممر الأسري الذي يُقابل باب الأسدين عبر سلم حجري بردتين، وقاعة الدفاع الكبرى واسعة الأرجاء بنيت بجدران من الحجر الكبير وزودت واجهاتها الخارجية وداخل الصندوق المفتوح بشرفات على شكل سقاطات والغاية منها لرمي الكتل الحجرية والزيوت المغلية والكلس المحرق على الغزاة.