السينما في الانتخابات الأمريكية!!
حتى السينما تنخرط في التنافس الانتخابي الأمريكي، وهاهي الصالات الأمريكية تطلق هذه الأيام عرض فيلم جديد عن ترامب، يتناول مرحلة الشباب عند الرئيس السابق والمرشح الحالي للرئاسة، هو فيلم جديد يقدم حياة ترامب كشاب فضولي، ساذج بعض الشيء، مدعٍ لبعض المبادئ بغباء، حيث لا يلبث أن ينحرف عنها عندما يتذوق حيل السلطة وألاعيب النفوذ، وهو يعمل ويتصرف وفقاً لنصائح وتوجيهات معلمة المحامي روى كوهن المرتبط ارتباطاً وثيقاً بمافيا نيويورك، ويبدو أن العنوان المعتمد للفيلم «المتدرب» يشير إلى نوعية التدريب الذي تدربه ترامب الشاب في طريقه إلى البيت الأبيض، تدريب على الانتهازية واقتناص الفرص وبيع المبادئ، والارتباط بالمافيا ولو عن طريق المحامي.
في الفيلم، ترامب يغتصب زوجته الأولى «إيفانا»، وهذه الحادثة لها مقابل حقيقي في حياة ترامب الواقعية، حيث إن زوجته الأولى قاضته ورفعت دعوى بحقه بتهمة اغتصابها قبل أن تتراجع وتسحب الدعوى، كما أن الفيلم يصور ترامب الشاب وقد مارس كل الموبقات، من التمادي في علاقاته النسائية، إلى تناول الحبوب المخدرة، إلى إجراء عمليات التجميل من شفط دهون، وزراعة الشعر، و و ..ألخ، من جهته اعتبر ترامب أن الفيلم ليس أكثر من تشهير وقح به، وهدد بمقاضاة صناعه أمام القضاء، وهذا التقاضي سيستعمله كجزء من عمل الدعاية الانتخابية، خاصة وأنه مدمن على المثول أمام القضاء وعلى الادعاء على الآخرين، للترويج لنفسه ولتسويق أعماله.
يعرض الفيلم لأول مرة في الصالات الأمريكية هذا الأسبوع، وكان عند عرضه في مهرجان «كان» قبل فترة قد لاقى استحساناً وتقديراً من النقاد والجمهور، لذلك فإنه من المتوقع أن يكون له تأثير في الحملة الانتخابية، خاصة أنه يعرض بالتزامن مع اشتداد التنافس الانتخابي بين ترامب وكامالا هاريس.
وعلى منصات التدفق الرقمي، يعاد عرض فيلم «ريغان» الذي يروي سيرة الممثل رونالد ريغان الذي وصل إلى البيت الأبيض، وأصبح رئيساً أيضاً، وعلاقة فيلم ريغان بالانتخابات الجارية، ترجع إلى الرأي السائد في أمريكا، أن بذور سياسات ترامب موجودة عند ريغان، وأن أعمال ريغان وتصرفاته هي أصل هذه السياسات اليمينية التي طورها ترامب إلى ما سمي بمبدأ «ماغا» القائم على أن أميركا لا تعود عظيمة إلا إذا اتبعت السياسة اليمينية العنصرية الفاشية.
هذه هي أمريكا، كل شيء يوظف في السياسة، من الاقتصاد إلى الأعمال العسكرية، من المشاهير إلى المغنين، ومن الإعلانات إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الفيلم شكل من أشكال استخدام السينما كثقافة فنية إبداعية في خدمة السياسة، وفي إطار التأثير على الناخب الأمريكي، وهوليوود منذ نشأتها عمدت إلى تكريس الإيديولوجية الأميركية.