المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة.. ترقب وانتظار والكيان باستنفار كامل وواشنطن تنأى تجنباً لحرب لا تريدها حالياً

تشرين- هبا علي أحمد:
بابٌ إلى الجحيم فتحه العدوان الإسرائيلي على ميناء الحديدة اليمني أمس، على أن البداية ستكون من الكيان الإسرائيلي نفسه، تدحرجاً باتجاه الإقليم في حال لم يتم الاحتواء سريعاً.. ومن سياق ردود الفعل طوال الساعات الماضية بعد العدوان يبدو أن الاحتواء متعذر، وربما ليست هناك رغبة في الاحتواء وليأخذ هذا الجحيم كامل مداه، وعندها يكون لكل حادث حديث.
ربما من المبكر القول إن الكيان الإسرائيلي فتح بعدوانه على الحديدة أول جبهة إقليمية في سياق الحرب الموسعة.. هذا يعتمد على طبيعة الرد اليمني، نوعاً وحجماً ومكاناً، ومن طبيعة هذا الرد يمكن استشفاف المدى الزمني الذي يفصلنا عن الحرب الموسعة، أو الذي قد يقود إلى عدم وقوعها تبعاً لسياق الحراك الإقليمي الدولي في الأيام المقبلة.

جبهة اليمن متحررة من اعتبارات السياسة والجغرافيا فلا خطوط حمراء بارزة في مواجهة كيان الاحتلال

وعليه فإن المنطقة لا تكاد تنهي نَفَسَ الصعداء حتى يتقطع، ليعود الوضع إلى درجة التصعيد عالي المخاطر، ولكن هذه المرة يمكن القول إن ورطة الكيان الإسرائيلي كاملة، وللتذكير فإن جبهة اليمن جبهة متحللة من الضغوط والالتزامات، ومتحررة من اعتبارات السياسة والجغرافيا، فلا خطوط حمراء بارزة في مواجهة الكيان الإسرائيلي إسناداً لغزة وأهلها.. ومع العدوان على الحديدة فإن اليمن وسّع بنك الأهداف استراتيجياً ضد الكيان، وإن لم تتم إعادة ضبط قواعد الاشتباك فإن معركة البحر الأحمر الممتدة منذ أشهر ستكون بروفة ضئيلة جداً مقارنة بما هو آت.

لماذا اليمن؟
وقد نكون الآن في المرحلة التي لم يعد فيها السؤال هو: هل هناك حرب أم لا.. بل متى وأين ومن يبدؤها؟ وكما أن العدوان على غزة فتح جبهات المقاومة دعماً وإسناداً لغزة وعزز من تعاونها وصمودها، فإن أي اعتداء على أي جبهة من تلك الجبهات من كيان الاحتلال ستتكافل جبهات المقاومة للرد عليه، وبالتالي ستتوسع دائرة الأخطار الاستراتيجية التي تُحيق بالكيان، وقبل الحديث عن تطورات العدوان على اليمن والرد اليمني، لا بد من الحديث عن لماذا اليمن؟
منذ بداية العدوان على غزة شكّل اليمن مفاجأة استراتيجية لكيان العدو بدخوله على خط المعركة، الذي أنتج إيلاماً سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً ستبقى تداعياته شاهد عيان ومحفورة في التاريخ ولاسيما في (البحر الأحمر- باب المندب- خليج عدن) وصولاً إلى المحيط الهندي، وتحدثت التقارير بما فيها الغربية عن التغييرات التي أحدثها اليمنيون لناحية هز صورة كيان الاحتلال عالمياً وحتى الصورة الأميركية، ولا ننسى أن واشنطن جزء أساس داعم ومساند للكيان وهي غير بعيدة عن العدوان أمس على اليمن الذي استهدف محطات كهرباء ومنشآت نفطية، وإن حاولت واشنطن إبعاد التهمة عنها إلا أن الحقائق واضحة لا عدوان يتم في أي بقعة جغرافية في منطقتنا من دون ضوء أخضر أميركي، إنما هو محاولة إبعاد التهمة لدوافع داخلية انتخابية ولعدم الانجرار إلى حرب في لحظة لا تريدها واشنطن.

بابٌ إلى الجحيم فتحه العدوان الإسرائيلي على اليمن والبداية من الكيان الإسرائيلي تدحرجاً باتجاه الإقليم في حال لم يتم الاحتواء

ورغم ما يُقال عن أن لا أحد يريد الحرب ولا حتى الكيان، إلا أنه من الواضح أن الحقيقة مختلفة تماماً، فالكيان يبحث عن حرب، وهي إن لم تندلع إلى الآن، فلأن الكيان لم يستطع أن يجر أحد الأطراف إليها، وربما من أحد أسباب عدوانه أمس على الحديدة أنه فشل في جرّ جبهة لبنان إلى الحرب، ويبحث عن جبهة أخرى فكان اليمن، إلّا أن الاحتلال لن يُحقق مراده بهذه السهولة، وكما ذكرنا آنفاً تبقى الأوضاع مرتبطة بطبيعة الرد اليمني ومكانه وزمانه.

رد حتمي
العدوان الصهيوني لن يغير من مجريات الإسناد اليمني لغزة، ولم يستطع بأي حال النيل من صمود وعزيمة اليمنيين أو التأثير في الحاضنة الشعبية للمقاومة اليمنية والدعم لفلسطين المتأصل والمتجذر في الموروث الثقافي والعقائدي اليمني وهذه حقيقة ثابتة لا تتبدل، أما عن الرد اليمني فاليد جاهزة على الزناد في ظل إجماع على أن الرد آتٍ لا محالة وموجع، إذ أكد عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» علي القحوم أن اليد التي تنتهك سيادة اليمن وتعتدي على مقدراته وشعبه ستقطع، وأن الفعل بالفعل المماثل، وهي معادلة ثابتة في قواعد الاشتباك وبها سيتوسع الصراع ونتائجه على الأعداء وخيمة، مشدداً على أن العمليات اليمنية ستكون زلزالاً على المعتدين وفيها ستزول «إسرائيل»، وردّ اليمن حتمي وقوي وقاصم ولن يتأخر والمفاجآت كثيرة، قائلاً: المعركة طويلة وعلى الصهاينة أن يدفعوا الثمن باهظاً وتحمّل الضربات وهي قائمة واليد على الزناد.
وأضاف القحوم: نقول للصهاينة لا تفرحوا كثيراً، فردّ اليمن قادم وموجع ومؤلم ولن تفلتوا من العقاب، وستكون خياراتكم إما الهجرة والعودة من حيث أتيتم أو البقاء في الملاجئ، فلن تنفعكم الحماية الأميركية.
بدوره، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن الرد على العدوان الإسرائيلي قادم لا محالة، وسيكون كبيراً وعظيماً، مشدداً على حق القوات المسلحة اليمنية الكامل في الدفاع عنِ اليمن ضد العدوان الأميركي – البريطاني، وكذلك ضد العدوان الإسرائيلي، مضيفاً: هذا العدوان لن يثني اليمن العظيم عن موقفه الثابت تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني.

اليد التي تنتهك سيادة اليمن ستقطع والفعل بالفعل المماثل وهي معادلة ثابتة في قواعد الاشتباك وبها سيتوسع الصراع

وكرر سريع تأكيده أنّ عمليات القوات المسلحة اليمنية في منطقة العمليات البحرية المحددة سابقاً ضد السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، أو التي تتعامل مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، لن تتوقف إلاّ عندما يتوقف العدوان ويُرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وفي السياق أكدت مصادر يمنية أن الاحتلال الإسرائيلي سيكذب ويشوّش بشأن العمليات التي تنفّذها القوات المسلحة اليمنية، داعياً الجميع إلى ترقّب بياناتها التي ستكشف كل عملية، سواء أكانت تلك التي تستهدف عمق كيان الاحتلال، أم العمليات البحرية الأخرى، مشددة على أنّ اليمن نفسه طويل، وأن العمليات التي تنفّذها قواته المسلحة ستستمر خلال الأيام والأشهر المقبلة، في حال لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كذلك أكدت المصادر وجود تنسيق متواصل وصل إلى مستوى متقدم بين اليمن والمقاومة في قطاع غزة ومحور المقاومة في المنطقة.

استنفار وخسائر
وبُعيد العدوان الصهيوني على الحديدة اليمنية تحدثت وسائل إعلام العدو عن وجود خشية من ردٍّ يمني، مشيرة إلى «استنفارٍ عالٍ» لسلاح الجو الإسرائيلي في كل أنحاء الكيان، ووفقاً لما أورده موقع «إسرائيل هيوم» رفع سلاح البحرية الإسرائيلي درجة التأهب في منطقة «إيلات».
بدوره، قال معلق الشؤون العسكرية في القناة الـ«13»، ألون بن ديفيد: «هناك فهم في إسرائيل مفاده أننا قد ندخل أياماً من تبادل الضربات مع اليمن»، في حين أكدت قناة «كان» أن «إسرائيل» تستعد لصراع طويل الأمد مع اليمن بعد استهدافها ميناء الحديدة.
وأعلن مدير عام مرفأ «إيلات» عن بلوغ الخسارة الناجمة عن تعطل أعمال المرفأ، في أعقاب هجمات القوات المسلحة اليمنية، نحو 50 مليون شيكل، إضافةً إلى استعداد الإدارة التشغيلية لتسريح عدد من العمال هذا الأسبوع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مادورو: انتخابات الرئاسة المقبلة ستحدد مستقبل فنزويلا قضية الإعاقة جزء من السياسة الوطنية للدولة تجاه المواطنين.. الوزير المنجد: المرسوم رقم 19يطور البيئة المؤسساتية المسؤولة عن ملف الإعاقة  135 ألف طفل مستهدف بالجولة الثانية لحملة اللقاح في حمص الوزير ابراهيم يبحث مع القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة السودانية بدمشق علاقات التعاون العلمي والبحثي إذا كبر ابنك "خاويه" وإن كبر أبوك عليك أن ترعاه المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة.. ترقب وانتظار والكيان باستنفار كامل وواشنطن تنأى تجنباً لحرب لا تريدها حالياً على رأسها مشروع إنتاج تعبئة وتغليف الأدوية السرطانية.. انطلاقة جديدة لـ«تاميكو» تبدأ بالإنتاج وتنتهي بالتسويق وزير النفط يفتتح مركز خدمات شركة محروقات بدمشق رئاسيات أميركا.. ترامب يضرب تحت الحزام و«الديمقراطيون» على رجل واحدة انتظاراً لانسحاب بايدن «سي إن إن»: الميدان وترامب يُجبران نظام زيلينسكي على إعادة الحسابات و«تدوير» المفاوضات مع روسيا