3700 نوع من الأعشاب الطبية موثقة.. السوريون يستعيضون بها عن الأدوية
تشرين- نور ملحم:
وجد محمد الأبواتي ضالته في الطب البديل بعد معاناة سنوات مع المرض والأطباء والمشافي التي استنزفت مدخراته المالية فبات الأمر صعباً جداً بحكم أن أجور الأطباء ارتفعت أضعاف الأضعاف والأدوية لمن كان له سبيل.
يتحدث الخمسيني عن تجربته برحلة الطب البديل لـ”تشرين” قائلاً: أقل كلفةً وعناءً ومالاً وجهداً وهو علاج طبيعي مئة بالمئة، لديّ مشكلة في الأمعاء، وعانيت منها طويلاً، وكلفتني الكثير من الأموال من دون أن يتفق الأطباء على علاج واحد، حتى لجأت إلى أحد العطارين (العطار اسم شعبي لمن يعمل في الأعشاب)، بعد أن سمعت عنه الكثير، وصف ليّ أعشاباً ومغلي الماء بالأعشاب، واظبت على الدواء، بت أشعر أنني الآن أفضل.
الخطيب: معظم السوريين اتجهوا إلى الأعشاب بعد جائحة كورونا وارتفاع أسعار أصناف الدواء مع الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة
لم تختلف حالة فادية الحسن كثيراً عن محمد، فهي أيضاً تحولت للطب البديل بعد المراجعات المتكررة لعيادة الطبيب الذي نصحها بإجراء عمل جراحي ولكن كلفتها تفوق قدرة زوجها الذي يعمل في الزراعة.. تقول لـ”تشرين” بعد العجز عن تأمين المبلغ المالي للمشفى والطبيب نصحتني أختي بأحد المختصين بالطب البديل والذي بدوره وصف لي خلطة من الأعشاب مقابل مبلغ مالي لا يتعدى 10 آلاف ليرة، حالياً أشعر بالتحسن الكبير، فالعلاج بالأعشاب أظهر نتائج جيدة من دون أي تأثيرات جانبية.
مهنة الأجداد
مهنة الطب البديل أو طب الأعشاب كما يطلق عليها العديد، من المهن التراثية في سورية إذ إنها تعود لحقبة من الزمن، كانت فيها السبيل الوحيد للاستشفاء لدى العديد من المواطنين.
وهذا النوع من الطب، كان يستخدم منذ القدم لعلاج جميع الأمراض، ولكل عشبة أو نبتة فوائد مختلفة ومميزات، خاصة عن سواها، وقد أثبتت التجارب أن هذه الأعشاب آمنة ولكن تحت إشراف طبيب أعشاب ممتهن، ولديه الخبرة الكافية لوصف العلاج.
يعمل رشيد على جمع الأعشاب الطبية ليصنع منها العديد من الأدوية الفعالة ضد أمراض عديدة كـ”الربو، السكر، اللشمانيا، القرحة، العقم، الكسور والحروق” وغيرها الكثير من الأمراض المزمنة من جبال الساحل.
يقول لـ”تشرين”: ورثت مهنة الطب العربي من والدي الذي علمني حيثيات المهنة وتفاصيلها، واليوم بات متجري الصغير يلقى إقبالاً واسعاً من دمشق ومحافظات أخرى باتوا يثقون بي وبالمستحضرات التي أحضرها.
وعن المشاكل التي تعترض الطب البديل، يشير الأربعيني إلى عدم وجود رقابة من الجهات المعنية، دخول العديد من الدخلاء إلى المهنة وهو ما غدا واضحاً من كثرة محال ومتاجر الأعشاب، وبات بائع الأعشاب هو نفسه الذي يعطي الوصفة الدوائية، ما تسبب بالعديد من حوادث التسمم أو الأعراض السلبية.
3700 نوع في ريف الساحل
لا يخفي الدكتور شادي خطيب، والذي يعمل في مجال الأعشاب، وكان قد رخص شركة خاصة في هذا المجال، أن الريف السوري محاط بشكل كبير بالأعشاب الطبية وخاصة منطقة القرداحة مبيناً في تصريح لـ ” تشرين” الاستفادة من هذا الغطاء االنباتي من خلال تقديم منتجات لها عائد اقتصادي مجدٍ للبلد، فالاستثمار في النباتات الطبية والعطرية يعد مشروعاً مربحاً من الناحية الاقتصادية كونها تنتشر بشكل طبيعي في مختلف المناطق من دون الحاجة إلى العمليات الزراعية اللازمة لباقي المحاصيل، ويمكن تصديرها للخارج وتسويقها محلياً، وهي صديقة للبيئة إذ لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الأسمدة والمبيدا،ت وبالتالي تكلفة إنتاجها منخفضة بالنسبة للمردود ومقارنة بالزراعات الأخرى.
إحصاءات منظمة الصحة العالمية أظهرت أن 75 بالمئة من الناس يستخدمون المكملات العشبية
وأضاف الخطيب: معظم السوريين اتجهوا إلى الأعشاب بعد جائحة كورونا، كما أن ارتفاع أسعار أصناف الدواء مع الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة دفع شرائح كبيرة من السكان للتوجه إلى الطب البديل نتيجة انخفاض تكاليفه، حيث إنه تم توثيق أكثر من 3700 نوع من الأعشاب الطبية من وزارة الزراعة وهناك ما لا يزيد على 400 نوع فقط ينشغل عليه.
وبحسب الخطيب فإن بعض إحصاءات منظمة الصحة العالمية أظهرت أن 75 بالمئة من الناس يستخدمون المكملات العشبية، ونجحت في علاج العديد من الأمراض والدليل على ذلك أجدادنا الذين تمتعوا بالجسد القوي لعدم استخدام اي عنصر كيماوي سواء في التغذية أو العلاج أو الشرب.
أهمية اقتصادية
بدوره أكد المهندس عبد المعين قضماني مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة أنه لابد من تطوير واقع النباتات الطبية والعضوية، لأنها بمنزلة كنز هائل يجب استثماره بشكل نموذجي، ويحتاج إلى اهتمام أكبر من ناحية التسويق بشكل أساسي وعمليات التوضيب والتصنيع، لجعلها منافسة ضمن محور البدائل الزراعية والوعي لأهميتها الاقتصادية على مستوى القطر، وهي وجه من أوجه الاستثمار الزراعي غير المجهدة للتربة واحتياجاتها الإنتاجية مقبولة مقارنة مع غيرها من أنواع الزراعة.
يذكر أن سعر الدواء بات لا يطاق ويرهق كاهل المواطنين مع ارتفاعات متكررة تفرضها شركات الأدوية نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية والحصار الجائر وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات واليد العاملة.