بعد الرحابنة والعندليب … مشوار مُطربين عرب عبر إذاعة دمشق

تشرين- لبنى شاكر:
“من كل قطرٍ أغنية” برنامجٌ يُعدّه الباحث أحمد بوبس عبر أثير إذاعة دمشق، يُذاع مساء كل اثنين عند الساعة الحادية عشرة إلّا ربع، ويُعاد ليل الثلاثاء عند الساعة الثانية عشرة ونصف، يستعرض فيه مشوار مطربين عرب، شاءت ظروفٌ عديدة ألّا يصلنا من أغنياتهم سوى القليل، وعلى عادته في البحث والتقصّي، يتوقف بوبس عند أهم المحطات والنقلات في حياة الفنانين، مع نماذج من موسيقاهم، حيث كانت البداية مع المطرب العراقي ناظم الغزالي، على أن يتناول البرنامج الذي تُقدّمه رهام الزين ويُخرجه أحمد فراج، أسماءً لها تاريخٌ حافل منها “عبد الهادي بلخياط وعزيزة جلال من المغرب، سيد خليفة من السودان، جابر جاسم من الإمارات، أبو بكر سالم من اليمن، مائدة نزهت من العراق، عليا التونسية وأحمد حمزة من تونس، عبد الحميد السيد من الكويت”.

” من كل قطرٍ أغنية” برنامجٌ يُعدّه الباحث أحمد بوبس عبر أثير إذاعة دمشق، يستعرض فيه سيرة مطربين عرب

اهتمام إذاعة دمشق بالموسيقا، لم يكن محصوراً بالفنانين السوريين، منذ بدأت إرسالها رسمياً في ذكرى الجلاء الأولى 17 نيسان 1947، بعدما كانت غرفة في الهاتف الآلي في شارع النصر، ثم انتقلت إلى ساحة النجمة عام 1941، وعلى رأسها في تلك المرحلة الأمير يحيى الشهابي، فحين بدأ الرحابنة رحلتهم، كان البث الإذاعي للإذاعة اللبنانية، محصوراً في نطاق بيروت وضواحيها، بينما كانت إذاعة دمشق تحتل المرتبة الثانية بعد إذاعة القاهرة لجهة الإرسال، ومن ثم تعرّف الأمير الشهابي على الرحابنة، وكان مديراً للبرامج في الإذاعة، فدعاهم إلى دمشق، وخصص لهم استديو الموسيقا أسبوعياً “كل يوم أحد” ليسجلوا أعمالهم من اسكتشات وأغنيات وأوبريتات، لذلك نجد والكلام لـ” بوبس” أن المكتبة الموسيقية في إذاعة دمشق تحوي معظم أعمال الرحابنة، عددٌ منها غير موجود حتى في الإذاعة اللبنانية.

المكتبة الموسيقية في إذاعة دمشق تحوي معظم أعمال الرحابنة… عددٌ منها غير موجود حتى في الإذاعة اللبنانية

يعود بوبس إلى عام 1950 حين لحن وديع الصافي أولى أغنياته “عاللوما اللوما”، وقدمها لإذاعة بيروت لكنها لم تتجاوب، فما كان منه إلّا أن جاء إلى إذاعة دمشق، التي بثتها عدة مرات في اليوم الواحد، مع الإشارة إلى أن الرجل خلال مشواره الفني ظل وفياً للإذاعة السورية وسجّل فيها أغنيات كثيرة. وفي سجل ذكرياته أيضاً، حكاية المطرب والملحن اللبناني مصطفى كريدية، والذي بحث عمن يتبناه، فاستقل سيارة شحن قادمة إلى دمشق، لكنه حين وصل إلى “فيكتوريا” لم يكن يمتلك مالاً، فوقف يفكر على ضفة بردى حين لمح عمالاً يأكلون، طلب منهم أن يطعموه مقابل أن يغني لهم، وقبل أن ينهي أغنيته ساق القدر إليه موسيقيين يعملان في إذاعة دمشق، ذهبا به إلى أحد الفنادق ليستحم ويأكل ثم إلى الإذاعة، هناك غنى وأعطوه 400 ليرة، كان مبلغاً يشتري نصف بيت في العاصمة، وفيما بعد قدم ألحاناً كثيرة، من أشهرها “يا فجر لما طل” بصوت المطربة نهاوند.

يتناول البرنامج مشوار فنانين لهم تاريخٌ حافل مع نماذج من موسيقاهم

ينتقل الباحث في حديثه إلى مصر، في العام ذاته 1950 قدّم عبد الحليم حافظ، أغنيته “صافيني مرة” على مسرح الإسكندرية، وكانت النتيجة أن ضربه الجمهور بالزجاجات لخروجه عن النمط الطربي القديم، ثم رفضت إذاعة القاهرة بث الأغنية، فحضر إلى سورية وقدمها إلى إذاعتها التي كانت سبباً في نجاحه، لاحقاً اقتنع المعنيون في إذاعة القاهرة وأعادوا بث الأغنية، ولم ينسَ العندليب الأسمر تلك الحادثة، فكان كلما أنتج أغنية جديدة، يرسل نسخة مجانية هدية إلى الإذاعة، حتى كانت حفلته الأخيرة على مسرح معرض دمشق الدولي عام 1976 ثم مرض ولم يقدم أي حفل حتى رحيله.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار