الأمل بالمستقبل في “أكتر من ضو”.. فنانون شباب يصوغون إبداعاتهم في (الآرت هاوس)

تشرين- ميسون شباني:

“فُتحت أعيننا لنبصر صراعاً ودماراً وخراباً، فامتلأت حياتنا بالذهول، غدونا نهرب من الخوف القابع في دواخلنا، تحاصرنا الهواجس، نتمنى أن لانحلم بالكوابيس.. نحاول أن نستعيد حقنا بالصياح.. نتصارع على فتات الموائد لنقتات عليه ونتجرأ على أن ننسى صور الدمار في ذاكرتنا في مدينة نريد لكل أنوارها أن تضيء من جديد…” بهذه الكلمات اختصرت الفنانة التشكيلية كلوديا الخن فكرة المعرض التي قامت بتنظيمه وحمل عنوان “أكتر من ضو” والذي أشرف عليه فنياً الفنان غازي عانا.. المعرض الذي أقيم في غاليري الأرت هاوس وضم أكثر من ( ٣٣) لوحة نتاج ورشة العمل لسبعة فنانين من خريجي كلية الفنون الجميلة التي أقيمت منذ عام في كلية الفنون الجميلة في دمشق.
هواجس وأحلام وقضايا إنسانية قدمها سبعة فنانين شباب هم: عمار الفرح، نور ديب، هادي القاوقجي، آدم عجيب، أوس الزعبي، علا القاسم، أنجيلا السهوي.. ضمن رؤى خاصة وصياغات بصرية لافتة وتجسيمات متنوعة بدت أَميل إلى التجريد تارة والواقعية السحرية.. كما حملت أحيانا تعبيرية شديدة إضافة إلى الرمزية الغارقة في التفاصيل قدمت بلمسات إبداعية واجتهاد واضح في موضوع التكنيك والأدوات التي تم الاشتغال عليها من الأكريليك والخشب والنحاس والألوان المختلفة..
المواضيع التي تناولها الفنانون السبعة كانت أميل للقسوة والتشاؤم رغم بارقة الأمل المنبثقة في تفاصيل كل لوحة..

إغناء الروح والموهبة
تؤكد التشكيلية كلوديا الخن أن مشروعها يأتي بتجربته الثانية بعد (تفاح أخضر) والذي كان العام الماضي بالتعاون مع جمعية بسمة لدعم الاطفال المصابين بالسرطان، والذي تريد من خلاله أن يتلاقى الإنسان مع الفن والعطاء لدعم المجتمع والإنسان وإغناء روحه ومواهبه وليمسك كل منا بيد الٱخر لننهض معاً.. وتضيف: أردت أن أقول لهؤلاء الشباب إن باستطاعتهم تقديم معرض تشكيلي يعبر عن دواخلهم بطريقة إبداعية كما حاولت توفير كل مايلزم من أجل أن يخرج فنهم الحقيقي إلى اللوحة.

قرابين خلاص
قرابين خلاص كان العنوان الأبرز في لوحات عمار الفرح التي حملت مزيجاً من الكولاج والنحاس والخشب والتصوير وأضاف عنصر الشمعة بدلالة إلى ولادة النور والأمل والتفاؤل بماهو قادم .
وثمة اكثر من (11) لوحة ركزت فيها نور ديب على موضوع الفقد من خلال اعتمادها على لوني الأسود والأحمر معتمدة على ألوان الزيت والكولاج إلا أنها تؤكد على وجود منارة نتجه نحوها ومكان نذهب إليه ونجد المأوى والدفء.. فنحن ولدنا لنحب ونعاني من الخسارة وهذا الإصرار على الحياة نابع من امتلاك روح حقيقية..

الكوابيس أحلام غير ملونة
الكوابيس أحلام غير ملونة.. هذا ماأكدته علا القاسم من خلال لوحاتها التي حملت طابعاً طفولياً حالما تحاكي واقع الطفل وأحلامه في زمن الحرب والتي اختصرت وجودهم بتشبثهم في البقاء أحياء ..
فيما ينقلنا آدم عجيب عبر لوحتيه لفكرة مايعيشه الإنسان جراء الرحيل والمشاعر المتلاطمة في داخله ويؤكد عجيب أنه تناولها من خلال عناصر مختلفة من طيور وأبنية وشوارع ملتقطاً أدق التفاصيل وكأننا محاطون بفكرة الرحيل وأنه اشتغل بحرية ضمن أبعاد لوحته ليبرز دقة الملاحظة في الزمن البطيء.
من جهته يرصد الفنان هادي القاوقجي عبر منجزه الفني بورتريهات خاصة له تمثل في معظمها جملة من المواقف الحياتية التي تعرّض لها وأثرت بشكل ما بروحه، واعتمد فيها على الألوان القاتمة ومركزاً الضوء على ذاته وحياته بأسلوب واقعي مشغول بتقنية الزيت وبلوحات ذات أبعاد كبيرة، ويمر فيها على المحيطين به والأثر الذي تركوه في ذاته..
وكانت فكرة الصراع بين البشر والجشع هي الأكثر حضوراً في لوحات أنجيلا السهوي حيث استخدمت تضاد الألوان كالأبيض والاسود وتدرجاتهما البسيطة إضافة إلى لوحة حملت الكثير من الألوان والرغبة في سيطرة كل لون على مساحته الخاصة به عبر كولاج مدروس بتقنية عالية وممزوج بحرفية لونية متفاوتة الشدة في الإضاءة تارة والعتم تارة أخرى.
وفن التجهيز كان له حصته في المعرض.. هذه التقنية التي اعتمدها الفنان أوس الزعبي في لوحاته وقدم في إحدى لوحاته ديكاً ضخماً يمثل حالة الصراع التي يعيشها الإنسان مع ذاته مستلهماً أسلوب التجهيز بالفراغ ومنطلقاً من المثل الشعبي كل ديك على “مزبلته” صياح، كما اعتمد في لوحاته الثانية على تقنية الرسم بالفحم وأدخل فيها نشارة الخشب والحبر على القماش والغراء..

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار