نزيف الوعي؟

تشرين- ادريس هاني:

في رؤوسنا ظنون كثيرة تعيق انشراح الذّهن، ولا فكاك من تدبيرها عند من يفضل الطريق الأسهل في مسار المعرفة، ألا وهي التشبث بالقياس، أذهان البشر محشوة بالظنون والقياسات، وسبب هذا التّظان والاستقياس المفرط هو غياب الشجاعة، الظنّ آية الجبن، وهذا مصدر سوء تدبير الحقيقة، ومصدر الظّلم. يحدث هذا في العلم، في السياسة وفي المجتمع، في قلوبهم مرض، في أذهانهم مغص.

المشهد كجسد متروك لعوامل التعرية، لأنواع الباكثيريا، ليس كل ما يروج حميد، بل معظمه ضارّ، ما طبيعة العلاج الذي يجب تناوله بانتظام لتخليص الجسد من الباكتيريا الضارة؛ سؤال المناعة مجدداً. هل العلاج بالفلسفة كما ذهب نيتشه؟ لكنه هو نفسه يعيب على ميتافيزقا عصره، ماذا لو فسدت الفلسفة نفسها حين تخترقها التّفاهة أيضاً؟ حين تصبح صناعة للشعبوية؟ مشاكسة تكتوكية؟ وآية احترامها شيوع التقليد وقلّة الوفاء لروحها، وتحوّلها إلى خداع.

خيبة الأمل من المشهد هي النتيجة المؤلمة، لكنها ضرورة، لأنّ الجهل المركّب وهيمنة المُغالطة على العقل، يحاولان أن ينشرا المرح الكاذب، الاطمئنان الزائف، لكن في مشهد تستبدّ به المفارقة وجب قلب الطاولة على العِصابة.

إنّ التحرر ليس جملة وشعاراً، بل طبيعة تحتوي العقل والنّفس وترقى بهما حيث يجب الرُّقيّ، التحرر حين يتوسّل بالمغالطة يصبح لعبة العبيد على ركح هشّ، في مثل هذا الوضع، سيعاني الأحرار في صمت وسيعلو صوت العبيد، إنّ من لم تكن الحرية طبعاً له، سيفصّل له كسوة من الورق المقوّى وطرطوراً من نسج الخيال، وسيرقص كالبهلوان حتى الثّمالة.

السياسة ضرورة، على المثقف أن يراقب السياسات، أن لا يستسلم للتّفاهة في حال أصبحت متحوّرة، فالمشهد العربي مختطف، أحراره ليسوا في الوضع الصحيح، ليسوا في الوضع المريح، يخشى سُفهاء الأمة وجهلتها أن يكون المثقف مرتاحاً، يخافون على بضاعتهم المزجاة، لقد وُضع مصير الحقيقة في يد الجهلة، النقد الذّاتي حينما يكون جذرياً يوحي بالأمل.

سفهاء الأمّة يشوّشون على ميلاد نهضتها، يلعبون في الدرك الأسفل من المعنى، يظنون أنهم يصنعون الحدث، ولكنهم الحدث نفسه، حدث انكسار الأمة وضياعها بين أقدام الأمم، إنّ العود الأبدي للمربع الأول هو ما ينتظرنا، فما دامت التفاهة منتصبة القامة تمشي، فالجهاد الأكبر هو منازلة الزّيف، إنّ التنكر للوعي، يلوذ بالصخب، ما أكثر الضجيج وما أقلّ الصحيح.

انتصارات الأمة تضيع بسبب انحدار الوعي، تسلّط التّفاهة، تضخم الباكتيريا الضارة في جسد في حالة تدهور، أي شيء في عياب الوعي، هو  في حالة استنزاف، غياب الرّوية، الفوضى، العناد في التكرار، هذا مشهد يستحق أن يُرمى بحذاء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الانتخابات الرئاسية الإيرانية تنطلق غداً في 59 ألف مركز وأكثر من 95 دولة في مؤتمرهم السنوي..صناعيو حمص يطالبون بإعادة دراسة أسعار حوامل الطاقة واستيراد باصات النقل الجماعي أربع وزارات تبحث عن تأمين بيئة محفزة وجاذبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة  في ورشة عمل تحديات العمل المؤسساتي في سورية وآفاقه المستقبلية… ورشة عمل حوارية بجامعة دمشق مجلس الشعب يوافق على عدد من طلبات منح إذن الملاحقة القضائية لعدد من أعضائه العاصمة التشيكية براغ تكرم الشاعر الجواهري بنصب تذكاري انخفاض سعر البندورة يفرح المستهلكين ويبكي المزارعين.. رئيس غرفة زراعة درعا: سبب رخصها توقف تصديرها ونطالب بإلزام معامل الكونسروة بعقودها واشنطن والغرف التي ستبقى مغلقة.. الكيان الإسرائيلي أقرب إلى «العصر الحجري» في أي مواجهة مع المقاومة اللبنانية وخطط «توريط الجميع» لن تنقذه من الهزيمة الحتمية استيفاؤه أصبح يتم من الشاري في المرحلة الأخيرة.. رئيس جمعية الصاغة: فرض 1% رسم إنفاق استهلاكي على الذهب موجود منذ 40 عاماً روسيا وإيران تستنكران محاولة الانقلاب العسكري في بوليفيا