التكنولوجيا ستقودنا نحو الهاوية الموسيقار طاهر مامللي: أنا مع المغامرة فنياً فإذا لم نغامر سنبقى في مكاننا..
دمشق-ميسون شباني:
زاوج في إبداعاته بين الموسيقا الخالصة وبين الحكاية ، فموسيقاه التصويرية امتداد طبيعي للتأليف الموسيقي الكلاسيكي السيمفوني ولأعمال الأوركسترا من حيث الأداء والتأليف …
وبعد عشرات الأعمال أصبح الموسيقار طاهر مامللي أحد الأسماء المهمة في الدراما السورية والعربية والتي توحي بغنى أي عمل تتضمن شارته اسم، فقوة تأثير المشهد وغاية المخرج تجسدها موسيقاه من خلال تناغمها مع مضمون اللقطة والمشهد ، إضافة إلى أننا يمكن أن نسمع موسيقاه وأغنيات الشارة كأعمال منفصلة عن العمل الدرامي فهي خرجت من مبتكر ومؤلف موسيقي يعرف دلالة كل جملة موسيقية في مسارات العمل الدرامي ..
طاهر مامللي الذي يكتب موسيقاه لا لتكون مرحلية أنية تعبر المشهدية الدرامية فقط بل لتظل في ذاكرة المشاهدين ..
يفضل أن نعود إلى الضيعة
لقاء عاصف على إحدى القنوات التلفزيونية خرج فيه مامللي عن هدوئه المعتاد وأصدر عبره ضجيجاً خاصاً منتقداً الموسيقا الغربية المصدرة إلينا عبر تقنيات الكومبيوتر مؤكداً غنى تراثنا الموسيقي وتنوعه وأن هناك نجومًا تصدِّرها صفحات فيسبوكية على حساب أناس حقيقيين لم يأخذوا فرصهم، وانتقد مامللي عالم الديجي ومتابعيه الكثر في زمن تدني الذائقة وتشوهها وفي وقت غاب فيه الكثير من عرابي الموسيقا العربية مثل فريد الأطرش وعبد الوهاب وصباح فخري وأنا مازلت أحب فيروز، وديع الصافي وفريد وغيرهم من الأيقونات الغنائية ، وعبّر مامللي عن أسفه لعدم إكمال الإرث الذي وضعه عراب الموسيقا السورية الراحل صلحي الوادي في أعناقنا
ونوه بالحاجة لأرشفة هذا الإرث وخاصة في ظل طغيان التكنولوجيا والميديا القوية وإغفال متعمد لموسيقيين عالميين مثل: باخ وبيتهوفن وموزارت وأنهم يريدون بشرًا تابعين لهم عبر الذكاء الاصطناعي وأن هذه التكنولوجيا ستقودنا نحو الهاوية لذا يفضل أن نعود إلى الضيعة ببساطتها وعفويتها.
بحاجة لهندسة الأغنية
وأشار مامللي إلى أن ما يؤلمه أننا كسوريين نعيش الآلام نفسها ونبذل جهدنا لنقدم شيئاً مختلفاً، والشكوى ليست تشاؤمًا على قدر ما هي تفاؤل وأخاف كثيرًا على الجيل القادم فهو غير قادر على تعويض موسيقيين كبار مثل الموسيقار سهيل عرفة وعبد الفتاح سكر وأن وجعه الأكبر هو هجرة وهروب الموسيقيين من سورية بحثاً عن لقمة العيش وأنه خلال عشر سنوات لم يبقَ موسيقي أو مغنٍ علمًا أن المعهد العالي للموسيقا يخرّج نسبة عالية من الأصوات المهمة لذا نحن بحاجة فعلًا إلى هندسة الأغنية ..
مشروع للعائلة السورية
وبالعودة إلى موسيقاه الخالدة التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من كمالية الأعمال الدرامية العالقة في أذهاننا استذكر مامللي موسيقا الفصول الأربعة
العمل الذي حمل توقيع المخرج الراحل حاتم علي مؤكداً أن النجاح الذي حققه العمل كان سببه النص الذي حاز على إعجاب الملايين وكان مكتوباً بحرفية عالية من قبل كاتبتين مرموقتين أجادتا توجيه ما تكتبانه مجتمعيًا ودراميًا وهما ريم حنا وأمل الرحبي وتضافر جهود وقامات كبيرة لم تعد موجودة ونحن بحاجة لمشروع فني نستطيع فيه مخاطبة العائلة السورية ،وقال أنا مع المغامرة فنياً، فإذا لم نغامر سنبقى في مكاننا، والأعمال الموسيقية بحاجة لمن يستمع إليها لأكثر من مرة فالبساطة مع العمق في الموسيقا تكون من السهل الممتنع ولكن مع بعض التعقيدات لذا تكون بحاجة لمتلقٍ، والمتلقي اليوم بحاجة إلى الفكرة الجاهزة…
يذكر أنّ المؤلف والملحن الموسيقي “طاهر مامللي” ألّف الموسيقا في بداياته للعديد من الأعمال المسرحية، ثم توجه في تأليفها للأعمال الدرامية التلفزيونية، وفي رصيده أكثر من 70 مسلسلاً درامياً، بدءاً من عام 1995 في مسلسل “الثريّا مع المخرج “هيثم حقّي” وتتالت بعدها الأعمال في مسلسلات أخرى أشهرها “الفصول الأربعة، بقعة ضوء، ضيعة ضايعة، الزير سالم، صبايا، أحلام كبيرة، وغيرها كثير لمسلسلات شهيرة.
وتعاون “مامللي” مع عدد كبير من الفنانين منهم “ميادة الحناوي، ليندا بيطار، عبدالله رويشد، ميس حرب ، وحصد جوائز عديدة منها جائزة “أدونيا” عن مجمل أعماله عام 2005 وعن موسيقا مسلسل “زهرة النرجس” عام 2008 وجائزة أفضل موسيقا تصويرية في مهرجان القاهرة الدولي عن الموسيقا التصويرية لمسلسل “الدوامة” عام 2009 وترشح لجائزة “أدونيا” عام 2009 عن عمل “سحابة صيف”.