غشّ العسل.. كيف نبدّد غياب الثقة؟.. اعتماد الخبرة الشخصية لا يمكّن غالباً من اكتشافه بينما الرقابة المعنية تغطّ في سبات عميق

درعا – وليد الزعبي:
كادت منذ يومين أن تقع بمشكلة (عويصة) عندما اصطدمت حقيبتها الشخصية بعبوات العسل الزجاجية المصفوفة فوق بعضها على الرصيف، وشكرت ربها أن الحادثة مرت بسلام من دون سقوط أي من تلك العبوات وتكسرها، لأنها لا شك ستضعها في ورطة مع الرجل الجالس على قارعة الرصيف لغرض بيعها.
ليست واقعة ارتطام الحقيبة بـ(مطربانات العسل) ما نود التوقف عنده، بل مدى جودة العسل المعروض الذي يباع على الأرصفة بسعر قليل جداً بالقياس للأسعار الرائجة، وكذلك العسل الذي يتم بيعه في المحال التجارية أو لدى المربين ولا توجد ثقة مطلقة به.
يحدث ذلك في ظل غياب تام للرقابة المعنية بهذه المادة، التي يفترض أن تكون موجودة، لأخذ عينات وتحليلها مخبرياً للتأكد من وثوقيتها وعدم تعرضها للغش، وتالياً حماية المستهلك من الاستغلال والتلاعب وضمان تناوله لمادة العسل غير مغشوشة.
للعلم، فإن العسل مادة يندر وجودها لدى الأسر الفقيرة نتيجة لارتفاع ثمنها. وأشار عدد من أرباب الأسر إلى أنه لا يتم شراء العسل إلا في حال نصح الأطباء بتناوله في بعض الحالات المرضية لأحد أفراد الأسرة وبكمية قليلة جداً لا تتعدى نصف كيلو، وهي أقل كمية يمكن أن يقبل أي من تجار العسل أو مربّي النحل بيعها.
ولفتوا إلى أنهم لدى العزم على الشراء يتم استقاء المشورة ممن هم بالمحيط حول أي من المربين يمكن الوثوق به لجهة وجود عسل غير مغشوش لديه، لكن مجمل الآراء تجمع على أنه يندر وجود عسل صافٍ مئة بالمئة، وإن لم يكن مخلوطاً بمواد مثل مربى المشمش، فلا شك أن النحل المنتج تتم تغذيته بالسكر، ولا يعتمد على المراعي الطبيعية بالكامل.
لكن المربين ينكرون أي تلاعب، ولا يخفون مصاعب المهنة، وخاصة خلال السنوات الماضية، حيث تعرضت خلاياهم للضرر بالتخريب والسرقة وحتى موت النحل وهجرته نتيجة ظروف الحرب التي كانت سائدة، إضافة إلى صعوبة تأمين المراعي بعد أن تعذر لسنوات ترحيل النحل إلى المراعي في مختلف المحافظات حسب مواسم إزهار عدد من المحاصيل، كما وتطرقوا إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات التربية على اختلافها، وكذلك غياب الأدوية المتخصصة، حيث إن مجمل تلك العوامل تسببت في خروج عدد ليس بقليل من المربين من حيّز المهنة والتربية.
ومع تحسن الظروف مؤخراً، بدأ عدد من المربين يتشجع لمعاودة التربية أو التوسع بها، وخاصةً أن لدى بعضهم هوساً بتربية النحل ويشعر أنها ممارسة لهواية أكثر منها مهنة ولها متعتها الخاصة.
وعن الإنتاجية المقدرة توقع عدد من مربي النحل أن يكون للخلية الواحدة بين ٥ و١٠ كغ عسل حسب منطقة التربية.
ولجهة الأسعار، فإن قيمة الكيلو حسب متابعين تتراوح للعسل الربيعي الطبيعي بين ١٥٠ و٢٠٠ ألف ليرة والمغذى بمحلول سكري بين ٧٠ و٩٠ ألف والذي يباع على الأرصفة تحت ٥٠ ألف ليرة، وهذه الفوارق الكبيرة لا شك تدعو للريبة وتحتاج التدقيق فيها من الجهات الرقابية.
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش، ذكر أن تربية النحل في محافظة درعا تتركز في منطقتي وادي اليرموك ونوى بشكل رئيسي، وفي طفس والصنمين وإزرع وقرى أخرى بشكل أقل، مبيناً أن مربّي النحل في المحافظة أصبحت لديهم خبرات تراكمية بأصول التربية والتعرف إلى الأمراض التي تصيب النحل وكيفية تدبرها، فيما تقدم دائرة الوقاية في المديرية المشورة ويد العون إلى المربين عند الحاجة في كيفية تشخيص الأمراض وطرق مكافحتها.
وبين أن المربين كانوا في سنوات ما قبل الحرب ينقلون خلاياهم إلى مراعي محافظات أخرى خلال الموسم الواحد، حيث تبدأ من الساحل عند إزهار الحمضيات ثم ريف دمشق مع إزهار الينسون وبعدها حلب مع موسم القطن، وهذا الأمر لم يعد متاحاً كما يجب ضمن الظروف الراهنة.
لكن المدير، أشار بشكل عام إلى أن تربية النحل باتت تشهد حالة تعافٍ تدريجي على أمل وصول إنتاجها إلى مستويات جيدة، علماً أن عدد المربين حالياً يبلغ نحو ١٥٢٧ مربياً بحوزتهم حوالي ٤٥٩٩٢ خلية، لافتاً إلى أنه تم تقديم العديد من المنح الإنتاجية للمربين من المنظمات الدولية على شكل خلايا نحل مع مستلزمات التربية، وقد أسهمت المنح المقدمة لمربي النحل خلال الفترة الماضية بتخفيض التكاليف على المربين، وبالتالي ساعدتهم في استعادة الطاقة الإنتاجية المجدية اقتصادياً لمناحلهم.
بدوره، ذكر رئيس دائرة الوقاية في مديرية زراعة درعا المهندس حسن الصمادي، أنه تتم متابعة الحالة الصحية للنحل على مستوى مناطق تربيتها في المحافظة، وفي حال وجود أي مرض تؤخذ عينات وترسل إلى مخبر أمراض النحل في مديرية الوقاية لتشخيص المرض ومن ثم وصف العلاجات اللازمة بناءً على نتائج التحليل، ولفت إلى أن آفة الفاروا ومرض النوزيما من أكثر الآفات التي تسبب فقدان النحل خلال السنوات الأخيرة.
وعن جودة العسل المنتج، ذكر رئيس الدائرة أنه يمكن وجود غش في العسل، من خلال تغذية النحل

في مواسم الإنتاج على محلول سكري، وكشف الغش في العسل لا يتم إلّا من خلال الفحص المخبري الذي يتم في مخبر العسل وأمراض النحل في مديرية وقاية النبات بوزارة الزراعة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الانتخابات الرئاسية الإيرانية تنطلق غداً في 59 ألف مركز وأكثر من 95 دولة في مؤتمرهم السنوي..صناعيو حمص يطالبون بإعادة دراسة أسعار حوامل الطاقة واستيراد باصات النقل الجماعي أربع وزارات تبحث عن تأمين بيئة محفزة وجاذبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة  في ورشة عمل تحديات العمل المؤسساتي في سورية وآفاقه المستقبلية… ورشة عمل حوارية بجامعة دمشق مجلس الشعب يوافق على عدد من طلبات منح إذن الملاحقة القضائية لعدد من أعضائه العاصمة التشيكية براغ تكرم الشاعر الجواهري بنصب تذكاري انخفاض سعر البندورة يفرح المستهلكين ويبكي المزارعين.. رئيس غرفة زراعة درعا: سبب رخصها توقف تصديرها ونطالب بإلزام معامل الكونسروة بعقودها واشنطن والغرف التي ستبقى مغلقة.. الكيان الإسرائيلي أقرب إلى «العصر الحجري» في أي مواجهة مع المقاومة اللبنانية وخطط «توريط الجميع» لن تنقذه من الهزيمة الحتمية استيفاؤه أصبح يتم من الشاري في المرحلة الأخيرة.. رئيس جمعية الصاغة: فرض 1% رسم إنفاق استهلاكي على الذهب موجود منذ 40 عاماً روسيا وإيران تستنكران محاولة الانقلاب العسكري في بوليفيا