هل تمتلك مؤسساتنا نظماً عادلة للحوافز والمكافآت أم باتت حكراً على أصحاب الحظوة؟!
تشرين- بشرى سمير:
تلعب مكافآت الموظفين دوراً حاسماً في نجاح ونمو أي مؤسسة أو شركة سواء أكانت عامة أم خاصة، ولا يخفى على أحد أنّ الاعتراف بجهود وإنجازات الموظفين وتقديرها لا يعزز معنوياتهم فحسب، بل يحفّزهم أيضاً على الأداء الأفضل، وفي مجال الأعمال التنافسية التي تبرز فيها كفاءة وإبداع الفرد يصبح جذب الكفاءات والاحتفاظ بها تحدياً، وتالياً أصبحت مكافآت الموظفين أكثر أهمية من أي وقت مضى.
السهلي: عندما يشعر الموظفون بالتقدير والمكافأة على مساهماتهم فمن المتوقع أن يظلّوا مخلصين للعمل
لكن كيف توزع المكافآت والحوافز في مؤسساتنا.. حسب الكفاءة أو الجهد المبذول؟
خلال لقائنا مع عدد من الموظفين العاملين في القطاعين العام والخاص فوجئنا أن الحوافز باتت تعطى حسب الوضع المعيشي للموظف، وتوضح غادة موظفة في إحدى الدوائر الحكومة أنه عند توزيع الحوافز والمكآفات بات يُراعى الوضع المادي للموظف، وتشير إلى أنها حُرمت أكثر من مرة من المكافآت رغم جهودها الكبيرة في العمل لصالح أحد زملائها على اعتبار أنّ وضعها المادي جيد مقارنة بوضعه المادي السيئ، وبيّن محمد وهو عامل في إحدى الشركات العامة أنّ المكافآت توزع غالباً حسب رضا الإدارة عن العامل بغض النظر عمّا يقدمه؛ على سبيل المثال إذا كان العامل مجاملاً لمديره حظي بمكافأة مجزية، وغالباً ما توزع الحوافز حسب حالات المرض أو العوز المادي، فكانت تقلص المكافأة لصالح المحتاج من الموظفين.
وتساءل العامل علي فيما إذا تحولت الحوافز والمكآفات إلى تسول مبطن لكونها تعطى لأصحاب الوضع المادي السيئ أو للمقربين أو أصحاب الحظوة لدى الإدارات على مبدأ:” المقربون أولى بالمعروف”.
تقدير العمل
الباحثة الاجتماعية سوسن السهلي، تبين أن مكافآت الموظفين تسهم بشكل مباشر بزيادة مستويات المشاركة. عندما يشعر الموظفون بالتقدير والتقدير لعملهم الشاق، فمن المرجح أن يشاركوا ويلتزموا بأدوارهم، وهذا له تأثير إيجابي على الإنتاجية، حيث يميل الموظفون المشاركون إلى بذل قصارى جهدهم لتحقيق الأهداف المنشودة كما يمكن أن تسهم مكافآت الموظفين بشكل كبير في تحسين معدلات الاحتفاظ بالموظفين داخل المؤسسة. وعندما يشعر الموظفون بالتقدير والمكافأة على مساهماتهم، فمن المتوقع أن يظلّوا مخلصين لصاحب العمل، وهذا يقلل من معدلات الدوران أو تبديل المواقع والتكاليف المرتبطة بتعيين وتدريب الموظفين الجدد، ولا يمكن أن ننكرَ أنّ مكافآت الموظفين تسهم في زيادة الرضا، والارتياح الوظيفي ما يؤدي إلى مستويات أعلى من السعادة والرفاهية بشكل عام. ومن ناحية أخرى يصبح أداء العمل ممتعاً، ويكون هناك موقف إيجابي وانتماء لموقع العمل، وحب للوظيفة، ما يؤدي بدوره إلى تقليل التوتر وتحسين الصحة العقلية.
وتضيف السهلي أنّ هناك العديد من الخيارات المتاحة عندما يتعلق الأمر بمكافآت الموظفين. يمكن أن تتراوح هذه من الحوافز النقدية، مثل المكافآت وتقاسم الأرباح، إذا كانت الشركة إنتاجية أو ربحية، إلى المكافآت غير النقدية مثل ساعات العمل المرنة وقصر ساعات الدوام، أو أيام الإجازة الإضافية، أو فرص التطوير المهني، ويعتمد اختيار الخيار الأفضل مما سبق على ميزانية المؤسسة وثقافتها.
عباس: عندما يعتقد الموظف أنه ضامن لوظيفته يهمل عمله ويترهل.. وهو ما يحدث حالياً في أغلب مؤسساتنا نتيجة تسرب العديد من الموظفين وسفرهم لأسباب مختلفة
حوافز وتعويضات
الدكتور سمير عباس خبير في الموارد البشرية بيّن أن المكافآت القائمة على الأداء هي حوافز لا يتم منحها إلّا بعد تحقيق هدف محدد، وعادة ما تكون مرتبطة بهدف العمل الذي يظهر التقدم نحو النجاح. غالباً ما تتضمن هذه الحوافز مكافآت نقدية أو خيارات أسهم، أو حتى كليهما في بعض الأحيان!
ولفت إلى أنّ الفكرة وراء المكافآت القائمة على الأداء هي أنها تتماشى مع أهداف الموظفين والشركة من خلال إعطاء الأفراد فرصة لكسب المزيد من المال مقابل جهودهم. يمكن أن يساعد نظام المكافآت القائم على الأداء في زيادة الإنتاجية وتشجيع الموظفين على العمل بجدية أكبر لأنّ لديهم القدرة على كسب المزيد من المال إذا فعلوا ذلك
وتنقسم لحوافز الماديّة وتتباين صورها من مجال لآخر وتتمثل بالمكافآت الماديّة ومن أبرز صورها: الأجور والتعويضات، إذ تُعد الزيادات الدورية في الراتب ومنح التعويضات من الحوافز المادية الممتازة. وهناك المكافآت تمنح مرة فقط للموظف، وعموماً تُقدّم حين بلوغ الموظفين الهدف المرغوب منهم أو يتخطونه. وطبعاً هناك ما يعرف بالعمولة: تُعدّ الحافز المشترك الممنوح للموظفين النشيطين في قسم المبيعات، فعموماً يأخذ موظف المبيعات راتبه الأساسي وأجراً ثانياً مقابل الجهد الفائض الذي ينفذه، ناهيك بالامتيازات؛ وتتضمن المزايا الأخرى كالتعليم بالمجان للأطفال وتأمين مكان للسكن وغيرها من مزايا علاوة عن الراتب.
الأمن الوظيفي
أما الحوافز المعنويّة، حسب عباس، فتعد من الأسس المهمة في نظام الحوافز الخاص بالمؤسسة إذ تؤثر على نفسية الموظف بشكل أساسي ومنها: الترقية أو الترفيع، ويرمي هذا الحافز إلى رفع مكانة الموظف والتي تقترن بالمسؤوليات المفوضة إليه والإقرار باعتباره الوظيفي وذلك عبر ترفيعه أو ترقيته إلى درجة أو منصب أعلى تتلاءم مع أدائه في المؤسسة أو الشركة، وهناك التكليف بالمهمات الصعبة والبعد عن أداء العمل الاعتيادي بمنح الموظفين فرصاً جديدة وتعدداً وظيفياً يسهم في إبداء مهاراتهم. وأخيراً الأمن الوظيفي وهو حرص المؤسسة على إشعار الموظف؛ يُقصد به أنّ المؤسسة بحاجة له ولا يُمكنها أن تستغني عنه ببساطة، وطبعاً هناك جانب سلبي يكمن باعتقاد الموظف أنه ضامن لوظيفته فيهمل عمله، ويترهل، وهو ما يحدث حالياً في أغلب مؤسساتنا نتيجة تسرب العديد من الموظفين وسفرهم لأسباب مختلفة.