تنتصر مجدداً على مرضها.. منال محمد يوسف توقّع «إليك يا وطني»

تشرين- وصال سلوم:
منال محمد يوسف (الكاتبة المعجزة) تعاني مرضاً وعلة بسيطة في مركز الأعصاب وتستطيع السير ومساعدة والدتها في بعض أعمال البيت إلا أنها لا تستطيع حمل فنجان القهوة بيدها ولا مسك القلم بطريقة صحيحة، وتنطق الحروف بشكل بسيط وتقرأ كثيراً وتسمع فيروز وتشارك أطفال إخوتها بعض الألعاب وفعل الابتسامة.
تعلمت القراءة والكتابة في المدرسة حتى المرحلة الابتدائية، إلا أن وضعها الصحي وطبيعة قريتها الجبلية وطرقاتها الوعرة لم تساعدها على إكمال تعليمها، صورة رفاقها وأقرانها وهم يذهبون إلى المدرسة دونها كانت أكثر غصة تتعرض لها، احتضنتها والدتها ومسحت دموعها وأعطتها المصحف الشريف وقالت لها: اقرئي كلام الله سينشرح صدرك وتقوين على همومك.
القرآن الكريم كان الملجأ بالنسبة لفتاة صغيرة بعمرها، وكان المرجع الأهم لتمكين لغتها العربية، في بيتها الصغير وبين إخوتها الخمسة تربت فتاة متوسطة الحال، وراتب والدها الموظف في مرفأ طرطوس كان بسيطاً جداً لتلبية متطلبات البيت بأطفاله الستة، والأب المناضل لتأمين لقمة العيش كان المحرض الأول لإلهام منال وكتابة باكورة أعمالها الشعرية وقت كان عمرها ١١ عاماً، وفي ذكرى ميلاد والدها وعدم قدرتها المالية على شراء هدية همست في أذن والدتها: أريد إهداء والدي قصيدة شعرية، تحمست الأم (الاستثنائية) لفكرة طفلتها، ومع تأتأة حروفها كتبت الأم حروف ابنتها وقدمتها منال لوالدها كهدية.. بكى الأب فرحاً وتنبأ بمستقبل جميل لابنته المريضة والمرضية.
وتابعت منال شغفها الشعري تقرأ كتب إخوتها وما استطاعت من كتب بسيطة من معارفها، فوضعهم على قد الحال وقدرتهم الشرائية أضعف من أن تؤمّن لهم شراء كتب ثقافية، إلا أن مخزونها اللغوي وصورها البيانية بليغة فهي القارئة والمتتلمذة على السور القرآنية، لم تبخل والدتها بتقديم يد العون واحتضانها وبشكل يومي وفي أي وقت للإنصات لابنتها والكتابة وراءها حيث بصعوبة تنطق منال الشعر وقلب والدتها يصغي ويكتب ما تمليه ابنتها الموهوبة.
وحمل والدها الأوراق وطرق باب جريدة «الوحدة» في المدينة وتم نشر قصائدها في الصحيفة، ومن ثم كان النشر في صحيفة «البعث»، وتحدثت صحيفة «المسيرة» عن الموهبة الاستثنائية لشابة لم يعقها مرضها عن بوح الشعر والقصائد الوطنية.
تغنت منال بأشعارها بالوطن الأم سورية وبواسل جيشها، وطبيعة قريتها الجبلية أضافت إلى مفرداتها الجزلة حباً وحنية، أما مساندة والدتها لها فكانت بحق العامل الرئيس لاستدامة موهبتها الشعرية، التي نالت عليها التكريم داخل القطر وخارجه، كما نالت عن جدارة لقب «الكاتبة المعجزة» منال صاحبة الابتسامة الدائمة والوجه البشوش، الشقراء بعيون زرقاء كزرقة بحر طرطوس وقّعت في الأمس كتابها «إليك يا وطني» بإشراف وتكريم الدكتورة دارين سليمان رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وصار رقماً جديداً في مجموعاتها الشعرية التي تعدت الرقم عشرة، واليوم تهدي منال إنجازها لكلتا والدتيها أمها والسيدة الأولى أسماء الأسد التي التقتها وكرمتها وتتابع حالتها الصحية حيث بفضل رعايتها تحسنت مخارج حروفها بعد المعالجات الدورية التي تلقتها منال، وبإرادة قوية استطاعت في حفل أمس إلقاء أول كلمة لها في حفل توقيع كتابها فكانت بحق مثالاً بليغاً على قدرة المرأة السورية على تطويع أي عجز وتحقيق مخرجات إبداعية تليق بالوطن سورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار