دراسة التاريخ واجب اجتماعي وإنساني
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
التاريخ هو بيان لأصول وجذور الشخص أو الشعب أو الفكرة أو الواقعة، وما إلى ذلك، وبهذا المعنى فإن دراسته بدقة وعناية وتأصيل وتحليل وجدية وموضوعية أمر لابدّ منه حتى يكون ثمة فهم سليم وصحيح للواقعات الماضية والمعاصرة، والظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تكون قد حدثت ومازالت آثارها ممتدة في الحاضر.
دراسة التاريخ إذاً واجب اجتماعي وإنساني، لأن الإنسان في مجتمعه يعرف أخطاء الماضي فلا يكررها، ويعلم أسباب المستقبل فيأخذ بها، وبذلك ينأى عن الضياع الذي يسببه الجهل، ويبعد عن الهلاك الذي يتردى فيه الجاهل، وهكذا نجد أن الإنسان تاريخي بمعنى أن الإنسان يتذكر كل التاريخ البشري والفردي ويتفاعل معه، لهذا فإن الشخوص النابهة والشعوب الواعية أولت التاريخ اهتماماً شديداً إدراكاً منها للحقائق التي سلف بيانها، فلقد قال نابليون بونابرت: «من أراد أن يخلّده التاريخ فليدرس التاريخ»، وقال الشيخ محمد عبده: «إن قراءة التاريخ واجب من الواجبات الدينية والاجتماعية فلابدّ من تحصيله»، وكان كل منهما فيما قاله يعبّر عن الحقيقة الخافية في المجتمعات العربية، فمن دون معرفة التاريخ معرفة واعية متكاملة يهتزّ إيمان الإنسان في مجتمعه وينحرف ويسقط في الاعتقاد الخاطئ، فيستسلم للأحداث التي لا يعرف أسبابها.
كما أن التاريخ التزام علمي، لأن الجهل بالأسباب والواقعات التي تأتت منها والتداعيات التي نشأت عنها يغيّب العقلية العلمية، ويوقع في الخرافات والأوهام، فينحدر الإنسان إلى مستوى السوائم، حيث يكون بلا عقل ولا علم، والعقل هو أسمى وأرقى تمنيات الكونية وأعلى تطلعات الإنسانية، وعن طريقه يعرف الإنسان الحقائق الإلهية والكونية والإنسانية معرفة قدسية صافية، هي التي يرى البعض أن لا خلاص للمجتمعات الإنسانية إلا بها، فالعقل هو السبيل إلى المعرفة، ولا يكون هذا وذاك إلا بتتبع الأسباب ودراستها في تاريخ كل شيء في حياة الشعوب والمجتمعات الإنسانية.