تكتب مختلف الأشكال الشعرية.. الشاعرة ازدهار رسلان: لم أنتظر إنصافاً من أحد ولا ألوم أحداََ إن لم ينصفني
تشرين- هويدا محمد مصطفى:
حين تقرأ الشعر وتلتقيك قارورة تتضوع عبقاً، لتسكب أريجها في انفعالات الورق، حينها تجد نفسك أمام أنثى من ضياء، وحين يبرق صوت الحب وترتديك الحروف بشكل صورِِ تتناغم بنيتها الفنية وعاطفة متوهجة، لتبدو كأنها وردة طافية على سطح الماء.. تكتب الشعر بجرأة، وقصيدتها تعبر عن قضايا المجتمع والمرأة شاعرة تمتلك عبقرية النص من خلال التخييل و إيقاعات اللغة التي تتنفس بها رئة النص بشكل جذاب ومثير.. تكتب القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة والنثر ولها عدة إصدارات شعرية: أنثى الضياء، يباب، تجليات، وبوح القوافي..
من رحم المعاناة بدأت روحي تنزف أحرفاً شكلت قصائدَ تكاد تنطق
بورتريه إنساني
* الشاعر يقدم نفسه من خلال قصائده ازدهار رسلان كيف تقدم نفسها للقارئ؟
أقدم نفسي وبكل تواضع إنسانة شقت طريقها بين التلال والسهول والجبال بصعوبة.. ذاقت من الحياة حلوها القليل ومُرَّها الكثير.. ومن رحم هذه المعاناة بدأت روحي تنزف أحرفاً شكلت قصائد تكاد تنطق وتقول هذي أنا.. المرأة المكافحة بعد فقد الزوج والمكسورة بعد فقد الابن والصحة والعافية ومازالت تقول: الحمد لله على كل شيء.
* تكتبين القصيدة بإحساس مترف وقريب من المتلقي كيف تصفين لنا تلك الحالة؟
القصيدة تولد من حجم المعاناة ومن لحظات الفرح، فتخرج الحروف صادقة تدخل إلى قلب وسمع المتلقي بسلاسة وسهولة.
* هل وجدت إنصافاََ لمسيرتك الأدبية أمام ما نشاهده من عثرات أمام المبدع؟
لم أنتظر إنصافاً من أحد ولا ألوم أحداََ إن لم ينصفني.. أنا أكتب لذاتي ولمتابعيّ.. وسروري يكون عارماً عندما أرى الأطفال يرددون قصائدي ويحفظونها بسهولة.
الجرأة أن نطرح مشاكل حياتنا و نجسدها بطريقتنا علَّنا نساهم بتغيير حالة سلبية نعاني منها
غايات الكتابة
* لمن تكتب ازدهار رسلان وإلى أين تريدين أن تصل حروفك؟
أكتب لكل إنسان يحب أن يقرأ.. أكتب للوطن وأبطاله وهمومه.. أكتب للأطفال.. أكتب للامهات الموجوعات.. أكتب للأرض الطيبة التي أنجبت الأبطال وضمت رفات الآلاف من الشهداء.. أكتب للعامل والفلاح والمرأة.. وأتمنى أن تصل كلماتي إلى كل إنسان على وجه الأرض.. وكنت قد كتبت قصيدة من شهيد إلى أمه بعنوان
(رسالة من اللحد)
سقط الثلج يا أمي
أما زالت صورتي معلقة
على ذاك العمود الصدئ
أمازالت رائحة الخشب المبلل
تفوح من مدفأتنا…
وتثير الدخان
فتدمع عيناك قسراً
تخادعين أنت يا أمي
وما عهدتك إلا تقولين صدقاً
فلا الدخانُ أبكاكِ ..
ولاعودٌ أسالَ طرفاً
طبليةُ الطعام خاويةٌ
والفراشُ مجمدٌ
خالية الطحين فارغةٌ
والتنورُ مرمدٌ
وأنت تروحين وتجيئين
كفاً… بكفٍ ..تفركين
تعاندين …
لاتعترفين بحاجتك
ولاتستسلمين
ونفسك العزيزة
تأبى الهوان ..
كل ليلةٍ ..ألفَ مرةٍ تموتين
أتذكرين..يوم مسحتُ دموعك
وقلت لك غداً سأكبرُ
وقبل أن تهرمي
طبيبَ عيونٍ لكِ سأحضرُ
والكثيرَ من الطعام والدفءِ
بين ضلوعك سأنشرُ
أتذكرين ..
ماقُلْتِه لي حينها ..
إن كنت ناسيةً
عمودَ البيت.. سَليه
يا بني أريدك بطلاً
تأثرت بشعر حامد حسن والسياب ونزار قباني ونازك الملائكة فتنوعت قصائدي بين القديم والحديث
* من يقرأ قصائدك يجد الجرأة في الطرح، وهذا قلّما نجده عند الأدباء وخاصة المرأة ماذا تقولين في ذلك؟
الجرأة هي تشخيص حالات لا تقتضي التمويه.. هي تشخيص لواقع المرأة المضطهدة أحياناً، والحالمة أو العاشقة أحياناً أخرى أو المكلومة.. الجرأة أن نطرح مشاكل حياتنا و نجسدها بطريقتنا علَّنا نساهم ولو قليلاً بتغير حالة سلبية يعاني منها الكثير
* من خلال مواكبتك للحراك الثقافي وما نشاهده من الكتابات في مواقع التواصل الاجتماعي.. هل نقول إن الثقافة بخير؟!
أظن أن الثقافة ليست بخير في هذا الخضم المتلاطم والكمّ الهائل ممن صعدوا على الساحة الثقافية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وغزوا المنابر تحت ألقاب ومسميات براقة وهم أبعد ما يكونون عن الثقافة والأدب.. ويقع اللوم في ذلك على المراكز الثقافية ودور الأدب التي لا تحد من انتشار هذه الظاهرة، ولا تدقق أعمالَ من يودون المشاركة في المهرجانات والمنتديات والملتقيات الأدبية..
أقرأ لهؤلاء
* لمن تقرئين وبمن تأثرت وتتمنين أن تصبح كتاباتك قريبة منه؟
أقرأ لكل كاتب مجيد وشاعر متمكن.. أقرأ للشعراء القدماء وشعراء العصور القديمة والحديثة..
لم أحقق ذاتي من خلال مجموعاتي فمازال في جعبتي الكثير الكثير لم يظهر بعد
أقرأ للمتنبي وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة وإيليا ابو ماضي وحامد حسن الذي تأثرت به كثيراً والسياب ونزار قباني ونازك الملائكة، وتأثرت بهم جميعاً فتنوعت قصائدي بين القديم والحديث، فترينَ بعض القصائد مثل المعلقات، وبعضها توغل في الرومنسية والجرأة كأشعار السياب ونازك الملائك ونزار قباني..
* هل القصيدة تقتحم عالمك وتكتبك من العمق ام إن هناك تحضيرات مسبقة بعالمك؟
أحياناً القصيدة تولد من فكرة يطرحها أمامي أحدهم أو موقف يلفت انتباهي أو دمعة تجري على خد طفل تائه أو امرأة تصرخ ألماً فتولد الفكرة ثم أرتب أفكاري وأستلُّ قلمي لأسطر حروفي وبما أني أكتب الشعر الموزون أحتاج إلى بعض الوقت لتخرج القصيدة بأبهى حلة..
جرأة الرجل تكون أوضح لأننا نعيش في مجتمع ذكوري .. وكلٌّ يعبر عما يعيشه بطريقته
بورتريه شعري
* هل حققت ذاتك من خلال مجموعاتك الشعرية وماذا تحدثينا عن تلك المجموعات؟
من المؤكد أنني لم أحقق ذاتي من خلال مجموعاتي، فما زال في جعبتي الكثير الكثير لم يظهر بعد.. فمجموعاتي الشعرية الأربع تضم بعضاً من مسيرتي الأدبية حيث كان الديوان الأول يحمل عنوان (أنثى من ضياء )وهو باكورة أعمالي عام ٢٠٠٦ ويضم قصائد وجدانية وغزلية واجتماعية.. ثم جاء ديواني الثاني بعنوان (يباب) وهو تشخيص لحالتي النفسية بعد فقد شريك حياتي
و يضم الكثير من القصائد التي تحكي عن حالات المرأة الأرملة والمطلقة والتي لم تتزوج بعد والفتاة التي تعيش في مجتمع المتناقضات.. وبعدها جاء ديوان ( تجليات).. ويضم ستاََ وثلاثين قصيدة تحمل تجليات إنسانية حالمة بمجتمع أفضل وحياة أجمل وأهنأ، وديواني الرابع جاء في فترة الحرب وحمل عنوان (بوح القوافي) وكانت معظم القصائد وطنية واجتماعية تحكي عن واقعنا في زمن الحرب.. عن قوافل الشهداء.. عن الأمهات والزوجات المفجوعات.. عن الآباء والأطفال وموت الأبرياء.. عن صوت الرصاص الذي مازال يخترق أسماعنا و يعيش في أحلامنا.. وإن شاء الله سنكتب قصائدَ النصر الكبير قريباً
* كأنثى هل تختلف طروحاتك في النص الشعري عن الرجل وهل هناك رسالة تودين إيصالها من خلال قصائدك؟
طالما نحن نعيش في نفس المجتمع، ونشهد نفس الواقع فطروحاتنا لا تختلف بالأفكار لكن تختلف بطريقة التعبير.. وقد تكون جرأة الرجل أوضح لأننا نعيش في مجتمع ذكوري.. وكلٌ يعبر عما يعيشه بطريقته وأسلوبه.. فشعري يختلف عن شعر الرجل بطريقة التعبير والطرح والأسلوب الأنثوي الشفاف
والبعد كل البعد عن التجريح والتصريح..
* ما القصيدة التي لم تكتبيها بعد ؟
** لم أكتب قصيدة مسيرتي الشخصية وسأكتبها قريباً، و لكن سأحتفظ بنشرها إلى حين يدنو الأجل..