رعاية الإنتاج 

لقاء عاصف جمع صناعيي وتجار حلب مع الوفد الوزاري، الذي زار العاصمة الاقتصادية الأسبوع الماضي لإعادتها إلى موقعها الاقتصادي كمركز صناعي متميز، حيث طرحت كل الصعوبات المتراكمة على بساط الرسميين “الأحمدي” من دون رتوش أو مجاملة، بغية إيجاد مخرج قريب لحال المدينة الصعب والمظلومة، كما يقول أهلها، وبالمقابل كانت آذان الوزراء “مصغية” لكل مقترح قد يسهم في تحقيق الغاية التي كانوا قادمين من أجلها، وخاصة أن إنقاذ حلب التي تعاني مأزقاً خطيراً يشكل مصلحة وطنية بحتة، فحلب إذا كانت بخير كان الاقتصاد المحلي بخير والعكس صحيح.
جدية الحكومة في النهوض بواقع الصناعة والتجارة في مدينة حلب، خلافاً لمرات سابقة، حينما كانت الوفود الوزارية تأتي وتعقد الاجتماعات بلا أي نتائج رغم تكرار ذات الطروحات، لم تكن تحتاج إلى وقت طويل لرؤية ثمارها، حيث صدرت قرارات سريعة وحزمة إجراءات تحاكي بعضاً من مطالب أهل الصناعة والتجارة، الذين أبدوا ارتياحاً لهذه الاستجابة الفورية على أمل أن يكون التنفيذ بالسرعة ذاتها، بغية المساهمة في تحريك الأسواق الراكدة وزيادة نسبة الصادرات، فأسعار المنتجة في المعامل حالياً لا تتلاءم مع السوق المحلية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القوى الشرائية، التي تحتاج إلى تقوية وتدعيم بغية تنشيط الأسواق المحلية، وخاصة إذا خففت تكاليف التصنيع على المنتجين على نحو يمكنهم من التصنيع للمواطنين المنكوبين في أجورهم، بالتالي عند إرساء هذه المعادلة يضرب عصفورين بحجر واحد عبر الإنتاج أولاً وأخيراً، وليس تثبيت سعر الصرف كما كان يشتغل سابقاً، وأثبتت الوقائع خطأ هذه السياسة التي ندفع ضريبتها جميعاً وليس الصناعيين فقط، بعد تأزم الواقع الاقتصادي والمعيشي، وهو ما دفع نحو إنقاذ العاصمة الاقتصادية وتشجيع الفعاليات الاقتصادية على مواصلة الإنتاج وعدم هجر المعامل والمحال بعد لحظ ارتفاع معدلات الهجرة في كل القطاعات الاقتصادية.
“أن تصل متأخراً خير من ألا تصل”، جملة رددت كثيراً خلال لقاء الوفد الوزاري مع الصناعيين والتجار، فإمكانية النهوض بالاعتماد على الإمكانات الذاتية لا تزال متاحة رغم كل الضرر الحاصل، حيث نمتلك مقومات مهمة أبرزها، رأس المال البشري، ولعل أهل حلب المعروفين بأنهم أهل إنتاج وعمل خير من يمتلك هذه الميزة، فرغم كل الصعوبات استمروا في الإنتاج حتى في أقبية تحت الدرج لضمان استمرار صناعاتهم والحفاظ على اسمها، بالتالي نحسن استثمار الكفاءات والخبرات الصناعية مع تقديم المحفزات والتسهيلات المطلوبة في وقتها، سيضمن ذلك تخفيف تكاليف الإنتاج وتعزيز تنافسية المنتج المحلي، الذي يحتاج إلى اتخاذ قرارات داعمة أخرى للإنتاج، السبيل الوحيد لنجاة الاقتصاد المحلي عموماً وليس حلب فقط.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار