تحذيراتٌ متتالية أطلقها خبراء المناخ والأرصاد الجوية، فيما يتعلق بالتغير المناخي، نتيجة الاحتباس الحراري، وما يرافقه من تطرّف مناخي، كما أطلقوا عليه، وبالتالي سنشهد مناخاً استثنائياً في الشتاء الحالي، حالنا كحال الكثير من الدول، التي سيكون تغير المناخ عليها كارثياً، وفسروا هذا بأننا قد نستقبل كميات كبيرة من الهطلات المطرية خلال ساعات أو يوم واحد، كانت تتساقط خلال عشرة إلى ثلاثين يوماً عبر السنين الماضية، وعواصف رعدية وبروق، بالإضافة إلى حدوث ظواهر طبيعية قد تسبب في حال عدم التحضير والتصدي لها كوارث كبيرة.
وللأسف، مرّ هذا التحذير مرور الكرام، بل إنّ أغلب المعنيين بالأمر لم يقتنعوا بهذه التحذيرات، وكانوا أذن من طين وأذن من عجين” كما يُقال، حتى وقعت الكارثة.
فحسب الأرصاد الجوية في طرطوس، وصلت الهطولات المطرية منذ العاشر من الشهر الحالي وحتى اليوم لأكثر من ٢٥٠ ملم في جنوب المحافظة” سهل عكار” وشرقها، وسبّبت فيضان الأنهار التي غمرت الأراضي الزراعية والمنازل في سهل عكار، إضافة إلى خسائر في الأرواح.
نعم إنّها أمطار الخير التي جادت بها السماء، ولكن على ما يبدو التحضيرات وأعمال التنظيف والتعزيل للمصارف المطرية، وأماكن تصريف الأنهار والعبارات المائية، لم تكن بالشكل المطلوب والمكان الصحيح.
وكان من الطبيعي أن يكون أولى أولوياتنا تأمين الحماية الكافية لسهل عكار، الذي يعدّ السلة الغذائية، ليس للساحل السوري فقط، وإنما للبلاد بأكملها، وحصلت الكارثة وبدأت الجهات المعنية تزجّ بإمكاناتها كلها للتخفيف من الكارثة، وتحمل أعباء مادية مضاعفة.
المزارعون اليوم، وبعد زيارة الوفد الوزاري للقرى المتضررة وبعد خسارتهم لمحاصيلهم الزراعية المتنوعة من خضار محمية و مكشوفة وأنفاق و زراعات شتوية، و أهمها القمح والتي تشكل مصدر رزقهم الوحيد، ينتظرون تعويضهم بمبالغ تناسب حجم خسارئهم، وتعيدهم إلى حقولهم لزراعتها من جديد، و انتهاء أعمال اللجان المُشكلة لتقدير الأضرار، ومنها اللجنة المُشكلة لحصر أضرار القمح وغيره من الزراعات خلال أيام معدودات.
كارثة كبيرة مُني بها سكان سهل عكار، فهل نتعلم من أخطائنا ونعمل على التكيف مع التغير المناخي الذي أصبح ملموساً قبل بداية موسم الأمطار، ليتطابق حساب الحقل مع حساب البيدر؟ وهل نعتبر؟