عجلة الزراعة مثقوبة!
جرت العادة في كل ملتقى حواري أن تكون هناك حوارات ذات شؤون وشجون، وفي كل مرة تكون شهية الحضور طاغية بأسئلة أجوبتها معروفة، أو ربما كمحاولة للبحث عن جديد قد يشكل بارقة أمل!
ملتقيات ومؤتمرات والكثير منها تحت مسمى عريض عنوانه تشجيع الزراعة والبحث عن الاكتفاء الذاتي ومساعدة الفلاح والسيطرة على الأسعار والخروج بأفضل النتائج ولكن السؤال ماذا بعد؟
قيل الكثير عن الاستثمار بالزراعة والتصنيع الزراعي وبقي الكلام كلاماً، ويبدو أن من يملك المال ما يزال رأس ماله جباناً ويريد ربحه على الجاهز من دون مخاطرة، أو ربما ليس هناك بوادر تشجيعية أو تذليل لما يراه من معوقات! لذلك بقيت الحلول والصعوبات والمقترحات ضمن جدران مغلقة بعيداً عن الزراعة والصناعة والاستثمار!
المشكلة أن الجهات المعنية على دراية تامة كيف للعجلة أن تدور، وهم يدركون أن تكاليف الإنتاج عالية، وضرورة دعم الفلاح بكل ما يلزمه لتخفيضها، ولكن بالمقابل هل يقبل أصحاب رأس المال بهوامش ربح منطقية للنهوض بهذا القطاع؟ وهل فعلاً تقوم كافة الأطراف بتحمل واجباتها ومسؤوليتها كاملة؟ أم إن الجميع اعتاد على رمي الكرة في ملاعب الآخرين من دون تنازل أو حتى مساندة بسيطة؟!
نعلم تماماً أن دعم القطاع الزراعي لا يكون بالكلام، وندرك جيداً أن الاهتمام بالزراعة يعني تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي والنهوض بواقع المزارع والمستهلك على حد سواء، وهذا لا يكون إلا عبر تشاركية قوامها الجهات الحكومية والفلاح ومن يملك المال للخوض في الاستثمار الزراعي كغيره من المجالات، وإذا ما تحدثنا بلغة الأرقام، فإن هكذا استثمارات لها ريعية ربحية وفيرة إذا تم توفير وتطوير كل مستلزماتها وخدماتها والبنى التحتية والضرورية لها.
لا شك أن زراعتنا اليوم تترنح وليست بأفضل حالاتها، واستعادة عافيتها لن تكون بمسكنات وإنما بقرارات جريئة وحكيمة وفعالة، لا سيما أن أعداد الفقراء تزايدت مع خروج الكثير من الأراضي الزراعية عن الخدمة، وهذا يحتاج إلى اعتماد سياسة شاملة مفادها استثمار أي أرض في الزراعة وليس فقط في الأرياف فهل نبدأ؟