الحديث عن المنافسة الشريفة في الأسواق المحلية له شجونه الخاصة، وخاصة في ظل الظروف الحالية، والأزمة التي يعيشها اقتصادنا الوطني بفعل الحرب والحصار الاقتصادي وتداعياتهما السلبية على مكونات المجتمع بكل أبعادها..!
لكن ذلك لا يمنع الحديث عنها، والبحث في كيفية تحقيق منافسة أقل ما نسميها شريفة، ولا سيما أن أسواقنا متخمة بالسلع مقابل تراجع كبير في القوة الشرائية التي تعتبر المحرك الرئيسي للأسواق والمنافسة على السواء..!
من هنا نجد أهمية المنافسة في أسواقنا المحلية وتوافرها أمراً في غاية الأهمية، لعدة اعتبارات منها، حالتها الصحية التي تعبّر عن شرعنة المنافسة، وطبيعتها القائمة على احترام الطرف الآخر “المستهلك” بتعدد رغباته وذوقه المتنوع، طبعاً في حال وجدت هذه المعادلة، وكان الاحترام قائماً بين طرفي المعادلة، لأن ما يحدث في الأسوق يعطي انطباعات متعددة حول ماهية الكثير من تجار السوق، وطريقة التعاطي مع متطلباتها، وحاجات الناس واستغلالها بأبشع الطرق والأساليب، والدليل سجلات مديريات التجارة الداخلية، وما تحتويه من ضبوط ومخالفات وتحاليل مخبرية تؤكد ليس صدق ما نقول فحسب، بل حقيقة لا يستطيع تجاهلها كائناً من كان ..!
والانطباع المهم أيضاً هو أن ثقافة المنافسة الشريفة لم تنضج بعد في أسواقنا، على الرغم من وجود تجار وفعاليات اقتصادية وصناعية تعمل لولادة هذا النضج، بطريقة سليمة وصحيحة بالتعاون مع جهات حكومية ورسمية لتحقيق ذلك، لكن الجو العام حالياً، على “ما يبدو” لا يساعد بسبب ما تعانيه من تداعيات الحرب الكونية السلبية والحصار والعقوبات الظالمة على اقتصادنا وبلدنا على نضج هذه الولادة، لأسباب تتعلق بالجهات المذكورة والمستهلك على السواء، آخذين بعين الاعتبار الوضع المادي والمستوى المعيشي للمستهلك على اختلاف شرائحه..!
وما نشاهده في الأسواق والأحاديث عن المنافسة، لا يعبّر عن صدق التعامل بها، ولا حتى الاقتراب من هويتها ومضمونها، وكل ما يحصل هو مجرد “دق طبول في مغارة صداها يقلق ويزعج فقط..!” رغم وجود هيئة عامة للمنافسة وحماية للمستهلك، وقوانين ضابطة لكل الأطراف تسجل يومياً آلاف الضبوط، وتثبت مئات التجاوزات والمخالفات في الأسواق، جميعها تحت مسميات مختلفة، أخطرها ما ينطوي تحت ما يسمى المنافسة في الأسواق والحفاظ على هويتها..!
من دون أن نتجاهل ما يفعله التدخل الإيجابي رغم محدودية الانتشار، وحجمه وفاعليته، ومدى تأثره وتأثيره في المنافسة، وإيجاد نوع من التوازن تفرضه هذه الحالة على جميع الفعاليات التي تتعامل مع الأسواق، وتفرز في معطياتها مؤشرات المنافسة الشريفة التي تكاد تنعدم في ظل ظروف الأسواق الحالية، وتداعيات الحرب، وغلاء المعيشة، وقبل هذا وذاك الارتفاعات السعرية وتقلبها على مدار الساعة، وفي كثير من الأحيان على مدار دقائق قليلة معدودة..!
والسؤال ما يحدث من تراكمات في الأسواق، هل يسمح بولادة هذا النوع من المنافسة التي تحقق عدالة تحمي كل الأطراف..؟
الأيام القادمة تحمل الإجابة الشافية لكل مفردات ما يحصل في الأسواق..!