غاباتنا اليوم تتلاشى بين الاحتطاب الجائر تحت وطأة الحاجة وبين المتغيرات المناخية

تشرين – محمد فرحة:

ما يجري اليوم لغاباتنا بات يهدد وجودها وبدأت تتلاشى بشكل متسارع أشبه بالانقراض، وقد يكون من يمارس قطعها بشكل جائر مكرهاً ومرغماً بحثاً عن تدفئة أسرته، فلو وفرت الحكومة مئة لتر لكل أسرة لحمت الجزء الأكبر من هذه الغابات .
يبين مدير الحراج في الهيئة العامة لتطوير الغاب المهندس فايز محمد أن الغابات تمثل ثروة وطنية مهمة وتشكل نسبة جيدة من مساحة سورية، لكن ما لحق بها من احتطاب وقطع منذ بداية الأزمة في سورية خرّب وأساء لهذه الغابات وللطبيعة حيث يعدّ اعتداءً جائراً عليها..
و إذا أردنا أن نتحدث عن الضبوط التي ننظمها بحق من يعتدي على هذه الغابات فقد نظمنا المئات منها وما زلنا نلاحق من يقطع أشجارها، فحماية الغابات واجب وطني، ولكن السبب الرئيس لقطع أشجار الغابات هو التدفئة، ولا نعتقد أنه لو توافر المازوت لكنا شهدنا ما نشهده من عمليات القطع.

في وسط غابات السفح الغربي لطريق عام القرندح- اللاذقية، استوقفنا أحد الحطابين لنسأله ألا تشعر بأنك تعتدي على الطبيعة بقطع هذا الكم من الحطب.. هل ستبيعه؟
فأجاب، طالباً عدم ذكر اسمه وعدم تصويره: أنا بين خيارين أحلاهما مرّ؛ إما أن يبرد أولادي وإما أن أقطع أشجار الغابة، فأي منهما علي أن اختار؟
مضيفاً سأختار أولادي فلو وفرت لنا الحكومة المازوت لما قطع أحد أشجار الغابات، وتابع متسائلاً ها هو فصل الشتاء قد انقضى ولم أستلم مخصصاتي الـ٥٠ ليتراً من المازوت، في الوقت لو أملك المال لاشتريت براميل منه، هل ينبع المازوت الموجود في السوق السوداء من هذا الجبل قالها مازحاً ..؟
ونتابع المسير باتجاه طريق عام القرندح الجبلي الشاهق جداً لنشاهد مجموعة من الدراجات النارية قد ركنها أصحابها في ساحة أو فسحة وتوزعوا كل في مكان لقطع الأشجار تاركينها لناطور..الذي أجابنا عن سؤال لماذا تقطعون أشجار الغابات بهذا الشكل الجائر ؟
فقال: من يطعم أولادنا ومن أين نأكل “بدنا نعيش”، لا عمل لنا ولا دخل، فسعر طن الحطب مقطع اليوم هنا ويقصد منطقة الغاب بـ٧٠٠ ألف ليرة وفي أسوأ الأحوال بـ٦٠٠ ألف في حين يباع في مكان آخر أكثر من ذلك بكثير وبخاصة مع منتصف فصل الشتاء…
بالمختصر المفيد؛ حجم الاستنزاف الذي تتعرض له الغابات الطبيعية يتفاقم باستمرار بفعل عاملين رئيسين؛ الأول الاحتطاب الجائر والثاني الحرائق والمتغيرات المناخية، أديا إلى تدهور التربة والتصحر الذي يتمدد حتى نحو مناطق الاستقرار الزراعية.
والحل: لابدّ من وضع برنامج وطني غابي لمكافحة التصحر بهدف تعبئة كل الشركاء من أجل تدبير مستدام للثروات الطبيعية وحماية البيئة وتنوعها البيولوجي.
فما الفائدة أن نحتفل سنوياً بعيد الشجرة وننساها طوال العام ..؟، بل لو تم توفير مخصصات المواطنين من مازوت التدفئة بقدر ١٠٠ لتر لحمينا قسماً كبيراً من الغابات…لكن كيف للسوق السوداء أن تنتعش ؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار