على قدمٍ وساق!!

لا أعلم كم أنتجت محافظة حماة من البصل في الموسم الماضي، ولا كم تسوقت الشركة العامة لتجفيف البصل في سلمية من العقود التي وقعتها مع الفلاحين من أصل المئة طن المتعاقد عليها .. كل ما نعلمه أنه، وبعد نهاية الموسم صدر قرار يسمح بتصدير البصل .. هنا قام (الإخوة) التجار بشراء البصل بأضعاف السعر المتعاقد عليه مع الشركة، وهو كما علمنا ٤٠٠ ليرة للكيلو .. هؤلاء الغيارى قاموا بتخزين البصل بدل تصديره، ربما لعدم تمكنهم من التصدير، والعلم عند الله، وبدؤوا يعيثون في السعر ارتفاعاً، وفي البصل احتكاراً.. حتى وصل سعر الكيلو من (فاكهة الفقراء) إلى ١٢ ألف ليرة (للفحل) أما القياس الصغير والذي يقترب من حجم (القزح) فهو بـ ٩ آلاف ليرة .. وهذا ما هدأ من جنوني عندما شاهدت في يد أم العيال كيساً أسود كقلوب المحتكرين ..إذ إنها عندما قرأت الغضب في وجهي سارعت بالقول (إنه بصل صغير) بسعر( ٩ آلاف) ليرة، وليس كما تظن .
ما يؤلم فعلاً أن إنتاج السويداء ودرعا وحمص في الموسم الماضي تجاوز الـ( ١٦ ألف طن) (عدا المونة) وإذا أضفنا إليه إنتاج حماة ومن ضمنها سلمية وبقية المحافظات سنصل الى نتيجة لا خلاف عليها .. أن الإنتاج يتجاوز الاستهلاك، بدليل فتح باب التصدير .. أي فتح مستودعات المحتكرين لكي تمتلئ بالبصل، وتخلق ندرة كبيرة في توفر مادة لم تخطر على بال .
بسبب هذه الندرة سمح باستيراد (٢٠٠٠ طن) على ( نية ) أن ينخفض السعر إلى (٦٠٠٠ ليرة) ورغم صدور هذا القرار منذ ثلاثة أيام فقد بقي المحتكرون مصرين على احتكارهم، والأسعار تتجه إلى الصعود بدل الهبوط، وبدل إغراق السوق بالبصل للحفاظ عليه من التلف، كما شاهدنا العام الماضي كميات كبيرة منه رميت في البراري من دون معرفة الفاعلين؛ فقد فضل هؤلاء الإبقاء عليه في المستودعات .. لم نتوقع يوماً أن يتجاوز سعر البصل الذي يعد أقل المزروعات تكلفة، سعر التفاح والبرتقال والليمون والبندورة والموز وكل المنتجات الزراعية ذات التكلفة العالية نسبياً .. لكنه الاحتكار الذي لم نسمع أن حماية المستهلك داهمت مستودعاً .. بل إنها – أي حماية المستهلك، باركت قرار الاستيراد خالصاً لوجه السورية للتجارة .
كان فحل البصل السلموني مع قليل من زيت الزيتون والشنكليش وجبة شهية نتسابق إليها حتى من دون دعوة، أي بمجرد وجودها على الطبق .. لكن الآن هيهات ففاكهة الفقراء خارج أطباقهم، والتصدير والاستيراد على قدم وساق!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار