القوة والشجاعة والجنون!

بالأمس كشفت وزارة الصناعة عن استثمارات مهمة في مجال تجميع السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة والريحيّة واستخدام التكنولوجيا الحديثة في استثمارات صناعية جديدة.. قرأت الخبر أكثر من مرة.. هذا الإعلان المهم كان أولى به أن يكون مؤتمراً صحفياً وإعلامياً لكنه اقتصر على إشارة وبيان أصدرته (الصناعة) لتبين رؤيتها.. وأقل ما يوصف به أنه إعلان خجول!.

مهما يكن من أمر إلا أن الصناعة كشفت عن فجر جديد.. فهذه المشاريع تضخ الحياة من جديد في عروق الصناعة السورية وتفتح آفاقاً واعدة أمام الأسواق العربية والإقليمية لتصدير هذه التكنولوجيا المهمة التي باتت بصمة العصر.

اليوم ونحن ننظر الى المستقبل والى الفراشة السورية الجميلة الخارجة من الشرنقة في ولادة جديدة وقوية، لا نريد أن نتطلع إلى الوراء، ولا نريد أن نعد الأحجار التي ستكون في طريقنا، فقط نحتاج الشجاعة والقوة وربما بعض الجنون.. للوصول.

لا يزال لدينا الكثير من الموارد المهمة.. وفي مقدمتها العنصر البشري المؤهل والقطاع المهني.. لا نريد أن نتكئ على أرقام الخسائر والأضرار.. فهذه النغمة الكئيبة وانتظار انتهاء المؤامرات للانطلاق باتجاه التعافي الاقتصادي والاجتماعي هو حالة من الجمود والموت السريري للمؤشرات الاقتصادية والصناعية، وإن أفضل وقت للإعلان عن الاستثمار والعمل هو اليوم وليس غداً، وهذا ما فعلته الصناعة لأن القطار يسير ولا فائدة من الانتظار، فلا تكاد توجد دولة صغيرة أو كبيرة إلا ولديها من التحديات ما ينوء بحمله كاهلها.

إن توطين الصناعات ذات المحتوى التكنولوجي العالي، ومنح العديد من المزايا والتسهيلات لجذب رؤوس الأموال لتوطين صناعات استراتيجية أو استهلاكية تحتاجها البلاد ضمن سياسة إحلال بدائل المستوردات، وترشيد إنفاق القطع الأجنبي وصولاً الى الاكتفاء الذاتي، وتحقيق فائض للتصدير وخلق الكثير من فرص العمل خاصة في ظل الظروف الحالية بما ينعكس ايجاباً على مستوى الاقتصاد الكلي في المدى المتوسط. يمثل تحدياً كبيراً لانطلاقة قوية نحو الصناعات الإلكترونية – السيارات الكهربائية – الطاقات المتجددة والريحيّة وتشجيع الابتكار والاستثمار بالمعرفة كونه حاجة ومدخلاً مهماً للقطاع الصناعي، مع الأخذ بعين الاعتبارات كل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات، علماً بأنه يوجد حالياً خمس شركات قائمة ومرخصة بصناعة السيارات تعمل بنظام الثلاث صالات قابلة للتوسع لتصل طاقتها الإنتاجية الى حوالي /100/ ألف سيارة سنوياً.

اليوم غير الأمس، ولن نفرط بالتفاؤل.. لكن المستقبل سيكون للفراشة السورية؛ فعندما تهز بجناحيها ستزيل كل الغبار والتكلس عن العقليات القديمة المنغلقة، وتفتح الأبواب والنوافذ أمام انطلاقة جديدة تفتح المجال أمام الجميع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار