خيار اقتصادي يصطدم بجدلية «لو.. وليت»… نقل الإنتاج الزراعي بالقطارات يطوي ذرائع تكاليف الشحن.. المناولة والتلف أبرز المخاوف
تشرين- رشا عيسى:
تقييد حركة نقل البضائع والإنتاج الزراعي بين المحافظات بالسيارات الشاحنة ذات الحمولات المتفاوتة وسط أزمة المحروقات الحالية، وارتفاع أسعار النقل، وضع اقتراح النقل عبر القطارات متقدماً للاقتراحات المطروحة للتخفيف من التكاليف والأعباء وخاصة أن هذه الوسيلة تعد اقتصادية من جهة وتحقق معايير السلامة من جهة أخرى.
ورغم الفائدة المثبتة اقتصادياً للقطارات كوسيلة نقل للإنتاج الزراعي، إلّا أن السؤال المطروح، هل تعد البيئة والظروف المحلية مناسبة ومهيأة لتفعيل استخدامها بين المحافظات بالتزامن مع مخاوف تتعلق بالمناقلة المتعددة وتعريض المنتجات المنقولة للتلف؟
مزايا متعددة
عضو اتحاد الغرف الزراعية الدكتور مجد أيوب يوضح لـ(تشرين) أن النقل بوساطة القطارات أو السكك الحديدية هو إحدى وسائل النقل البري التي تتميز عن النقل الطرقي بوساطة الشاحنات بعدة أمور أهمها أن حجم المقطورات كبير وتعددها، وتوفر مقطورات مبردة لنقل الإنتاج الزراعي بكل أنواعه، والمساحات اللازمة للنقل تعدّ كبيرة جداً مقارنةً مع الشاحنات، ثبات عملية النقل وانخفاض نسبة وعدد المخاطر خلال النقل، إضافة إلى انخفاض تكلفة النقل لكون القاطرة الواحدة يرتبط بها عدد كبير من المقطورات، ما يخفض الكميات اللازمة من المحروقات أو الكهرباء.
وأشار أيوب إلى أن وجود خطوط للسكك الحديدية تسمح بالتوجه إلى مراكز الإنتاج ويتوجه القطار إليها عند الحاجة، كما أن وجود مراكز تجميع للإنتاج يتوفر فيها محطات للقطار مع كامل مستلزمات التحميل والتنزيل.
وسيلة عالمية.
خبير: الموجود محلياً هو خط حديدي مفرد تم تركيبه في حقبة الاحتلالين العثماني والفرنسي
وبيّن أيوب أن واسطة النقل هذه معتمدة بنسبة كبيرة في كافة الدول المتقدمة وحتى في بعض دول العالم الثالث لنقل المنتجات والأشخاص، وللاعتماد عليها يجب توفر عدد من الشروط والمستلزمات غير المتوفرة محلياً وأهمها، المحروقات أو الكهرباء اللازمين لتشغيل القاطرات، فضلاً عن أن قاطرات من الحجم الكبير قادرة على سحب مقطورات ذات أوزان ثقيلة، ونحتاج مقطورات مبردة، إضافة إلى أن الخطوط الحديدية تتكون في دول العالم عامةً من خطين متوازيين، لكن الموجود محلياً هو خط حديدي مفرد تم تركيبه في حقبة الاحتلالين العثماني والفرنسي.
ورأى أيوب أنه عند الاعتماد على النقل بالسكك الحديدية يجب أن يتم تجميع المنتجات المطلوب نقلها في مكان واحد يتوجه إليه القطار للتحميل منه، وهو مجهز بكافة الوسائل اللازمة للتحميل والتنزيل، إذ لا يفضل نقل الإنتاج بالشاحنات المبردة إلى محطة القطارالرئيسة لتحميلها، ويجب أن تكون الكميات المطلوب نقلها كبيرة نسبياً، فمن غير المنطق أن يتحرك القطار مسافات كبيرة لتحميل ما لا يزيد على حمولة سيارة شاحنة.
قليل الجدوى محلياً
وقال أيوب: إن النقل بالسكك الحديدية محلياً غير اقتصادي وغير قابل للاعتماد عليه حالياً، ويحتاج إلى تعديلات كبيرة في الخطوط الحديدية، وزيادة عدد القاطرات والمقطورات، وخاصة المقطورات المبردة، والوسائل المساعدة على التنفيذ، وعدد كبير من المحطات الفرعية، والعاملين فيها.
وأضاف: كما يحتاج الأمر إلى تعديلات في الإدارات المسؤولة عن وسيلة النقل هذه سواء في الأشخاص أو طرق التفكير. إضافة إلى إنفاق مبالغ كبيرة جداً ليصبح النقل بالقطارات الوسيلة ناجعة وذات فوائد كبيرة وملموسة، علماً أن النقل بالقطارات يدل على التطور واعتماد التفكير الاقتصادي الصحيح في الإدارة.
تجار: تسيير الرحلات يتطلب تجميع كميات كبيرة قد تصل إلى 800 طن..
تخوف من المناقلة والتلف
لبعض التجار الناقلين للإنتاج الزراعي عبر المحافظات تخوف من موضوع النقل بالقطارات لأسباب ذكروها لـ(تشرين) منها عدم القدرة على تجميع الكميات الكبيرة التي يتطلبها الشحن بالقطارات والتي يجب أن تصل إلى 800 طن ليتم تسيير الرحلات.
كما أنهم أبدوا تخوفاً من عمليات المناقلة التي تتطلب تحميل وتفريغ المنتجات مرتين في كل نقلة، الأولى من المزارع إلى محطات القطار، والثانية بعد وصول المنتحات إلى وجهتها في المحافظات الأخرى، وثم نقلها من محطة القطار في السيارات إلى أسواق الهال.
والتخوف الآخر كان من تلف هذه المواد التي تصنف شديدة الحساسية حيث من الضرري لمصلحتهم تأمين المنتجات الزراعية طازجة حيث يعد تجميعها ضرباً من المخاطرة لكونها سريعة العطب وتفقد قيمتها بعد تركها يوماً أو يومين لتجميعها وثم نقلها بالقطارات.
ورغم أن النقل بالقطارات أوفر مادياً لكن التجار أنفسهم يرون أنهم سيدفعون الفارق بين تحميل وتفريغ ونقل أكثر من مرة ما يعرض المنتجات المنقولة للتلف.
فكرة مهمة تحتاج تبنياً حكوميا لتهيئة الجهة التي ستتكفل بتجميع الإنتاج يومياً
أحد التجار الناقلين يوضح أنه لا ينقل أكثر من 50 طناً يومياً ويوردها إلى المحافظات، وبعض المزارعين تحدثوا لـ(تشرين) أنهم يجرون اتفاقاً شفهياً مع أصحاب سيارات شاحنة لشحن المحصول إلى سوق الهال في المحافظات الأخرى ليدفع بحدود 1.7 مليون ليرة من اللاذقية إلى دمشق لسيارة حمولتها تقارب عشرة أطنان.
ووجدوا أن الشحن بالقطارات فكرة مهمة تحتاج تبنياً حكومياً لتهيئة الجهة التي ستتكفل بتجميع الإنتاج يومياً ونقله بالقطارات.