جور طرطوس!!
في أواخر عام ١٩٩٢ كان عنوان إحدى الزوايا التي كتبتها في نافذة للمحرر في “تشرين” (جورة حمص)، ملخص الزاوية أن جورة ظهرت في أحد شوارع المدينة لم ينتبه أحد من المعنيين والمسؤولين إليها، بحيث بدأت تتسع وتزداد عمقاً كل عام.. كبرت الجورة واتسعت أكثر حتى بات تحملها ومعالجتها أمراً صعباً لم ينفع أي اقتراح من المعنيين الذين بدؤوا يشعرون بخطرها.. كان منظرها يوحي بأنها ستبتلع المدينة وأهلها وأبنيتها وسياراتها الى أن اقترح الوجهاء والمسؤولون وجميع المعنيين في المدينة في اجتماع (نوعي) نقل المدينة إلى خارج الجورة وقد نال هذا الاقتراح إعجاب الجميع وبدؤوا يعدون العدة للتنفيذ..
اليوم، وأنت تسير في شوارع مدينة طرطوس تصادفك عشرات الجور التي قد تلتهمك في كل لحظة وهي تتسع وتتسع عاماً بعد عام، في الشوارع الرئيسة والفرعية الحارات والأسواق، كل الجور تفتح أفواهها لتبتلع بعضاً من (الزفت)..
في أوتستراد الكورنيش البحري وتفريعاته كل الجور (معمرة).. في الكورنيش الشرقي أيضاً يوجد الكثير منها..
بلدية طرطوس أنجزت دوارين وصرفت على إنجازهما الملايين من دون الحاجة لهما أولاً، ولتكلفتهما الزائدة ثانياً، لدرجة أنه تم تعديلهما بعد أقل من أسبوعين على إنجازهما، الأول جانب الكراج الجديد والثاني في أول حي الطليعة من جهة مشفى الباسل بل إن هذا الدوار يشكل خطراً على حركة السيارات..
أقصد من ذلك، لو أن البلدية وظفت تكلفة هذين الدوارين في طمر الجور الخطرة لكانت أعطت نتائج إيجابية أهم بكثير منهما وأجدى نفعاً وأكثر ارتياحاً بين رواد شوارع المدينة إن بالسيارات أو سيراً على الأقدام .. ففي الشتاء والأمطار الغزيرة، تتحول هذه الجور إلى مصائد حقيقية لا ينجو من خطرها السيارات والأشخاص الذين يتعرضون (للطرش بالمياه) نتيجة عدم انتباه هذا السائق أو ذاك لهذه الجورة أو تلك..
طرطوس، مدينة جميلة، وادعة، هادئة تعانق البحر منذ الأزل تجاور أرواد منذ تشكل البحار والمحيطات، منذ انفلق المتوسط بحراً.. وليس من الحكمة أن نفرق هذا الثلاثي الجميل عن بعضه (طرطوس والبحر وأرواد) من أجل مجموعة جور، يخشى أن تتصل ببعضها من كثرة الإهمال.. ليس من الحكمة أن تزداد الجور وتتسع، ومجلس المدينة لا حول ولا قوة.. قد يبدو ذلك واقعياً وواقعاً إذا ما أخذنا واقع النظافة والتأخر في نقل القمامة.. ومن يعلم قد تكون حكمة مجلس المدينة من وراء التغاضي عن ردم الجور، هو أن تتسع أكثر وبعدها تملأ كل جورة بقمامة الحي الذي تشكلت فيه ثم تنهال عليها زفتاً إلى أن تغلقها، وتقطع الطريق على حكمائها الذين سيقررون نقلها أي طرطوس إلى خارج جورها!!