أثرت الحرب الكونية، والحصار الظالم، وعقوباته الاقتصادية بصورة سلبية على المستويات الاقتصادية والخدمية في بلدنا، وما يزيد من خطورتها هو الحالة الاجتماعية والمفاهيم الجديدة التي أدخلت على ثقافة المواطن، وغيرت من السلوك ما غيرته، وخاصة لجهة تأمين بدائل المعيشة أهمها (التحطيب الجائر) بدلا من المحروقات وهو الخطر الذي يمكن أن يهدد حياتنا، لأن حالات الاعتداء على الثروة “الغابية” كثيرة ، فكم سيتحمل الغطاء النباتي الذي كنا نتغنى بجماله ووفرته قبل الحرب، إذ يكاد لا يمر يوم إلا ونخسر فيه المليارات من الليرات نتيجة الاعتداءات على الثروة الحراجية المتبقية، التي نجت من الاعتداءات الإرهابية، وحالات الاشتعال والحرق المباشرة التي نفذتها العصابات الإرهابية، والفاسدون من أهل التحطيب الجائر، واستهدافهم بصورة مباشرة الحراج والأشجار الحراجية المعمرة للمتاجرة بها, واستغلال حاجة المواطن لوسائل التدفئة الناتجة عن نقص إمدادات الوقود والكهرباء.
والمشكلة أن الزراعة اتخذت جملة من الإجراءات التي تكفل حماية ما تبقى من غطائنا النباتي، لكن هذا لم ينفع، “ولم يؤت أكله” إلا لجانب واحد يكمن في نمو تجارة الحطب بسرعة فائقة، يضيع فيها كل الجهد الحكومي، والأهم تراجع مساحة الغطاء النباتي إلى مستويات محزنة تثير القلق لدى الجميع، وخاصة رؤية مساحات كبيرة منها جرداء، وهذا يضع الجهات المعنية أمام حالة خطر قادمة لن تطول “سنونها” حتى تصبح الأرض وجبالها ووديانها جرداء إن لم تتحرك لإنقاذ ما تبقى منها!
وبالتالي فإن إجراء الزراعة مؤخراً بتوزيع خمس غراس لكل أسرة في المناطق المزروعة، لا يرقى إلى مستوى حجم الخطر، لأن ما نشاهده اليوم من حالات اعتداء وتحطيب تنذر بكارثة ، يتطلب اتخاذ جملة من الإجراءات تكفل الحفاظ على الغطاء النباتي المتبقي، إلى جانب الاهتمام بزيادة رقعة الغطاء الأخضر وزيادته, لأن الغراس الخمس لا تكفي، مقابل المئات التي تقطع يومياً، من دون أن ننسى العمر الزمني الذي تحتاجه للنمو..
تراخي الجهات المعنية في تأمين البدائل وإنهاء حالة التحطيب يشكل خطورة لا تحمد عقباها، وجميعنا ضمن دائرة الخطر، لكن الحاجة إلى التدفئة أهم أسباب التحطيب، وتأمين البديل ينهي كل مظاهرها, وهذا ما يريده كل مواطن باستثناء “المتاجرين والفاسدين” الذين نموا على حساب حاجة المواطن ونقص البديل، فهل من صحوة تنهي هذا الاستثناء وتعيد الألق للغطاء الأخضر من جديد؟!
Issa.samy68@gmail.com