اختراق وتزوير لمنتجات اللمسة الاحترافية .. ميزة سورية مطلقة تنشد الثوثيق على لوائح التراث

تشرين- رحاب الإبراهيم:
زادت أزمة المحروقات من الصعوبات التي تواجه صناعة صابون الغار الحلبي، التي تعدّ حرفة موسمية، فإذا لم يؤمن المازوت لتشغيل المصابن المتوقفة أغلبها عن العمل بسبب الوضع الطارئ سيتم تفويت موسم الزيتون الوافر، وتعطيل حركة إنتاج لمهنة تراثية تصدر منتجاتها رغم الظروف الصعبة إلى دول العالم، ما يعني ضياع فرصة التصدير وإدخال القطع الأجنبي إلى الخزينة، وهذا يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ موسم الزيتون وإعادة تشغيل المصابن ودعوتها إلى دائرة الإنتاج.
واقع صناعة صابون الغار الصعب، استدعى من حرفييها رفع الصوت بهدف إنعاش حرفتهم ومنع توقف المصابن بعد ما بدؤوا بالإنتاج بشق الأنفس مع تكاليفه المرتفعة، مطالبين عون الأمانة السورية للتنمية لمساعدتهم على حلّ مشاكل هذه الصناعة وتأمين مستلزمات الإنتاج وحماية هذه الحرفة التراثية من الغش والتزوير، عبر العمل على إدراجها على لائحة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو.

صون الهوية التراثية
“تشرين” طرقت باب الأمانة السورية للتنمية وسألت ريم الإبراهيم مسؤولة في برنامج التراث الحي، عن دور الأمانة في تذليل هذه الصعوبات بغية المحافظة على صابون الغار الحلبي فتقول: “تعد الأمانة السورية للتنمية كما هو معروف أحد المؤسسات المجتمعية المعنية بصون المجتمعات وحماية الهوية التراثية الثقافية، التي يعد صابون الغار أحد سماتها الأساسية، ومن هنا جاءت دعوة حرفيي صابون الغار ورئاسة غرفة صناعة حلب لحضور أحد اجتماعات لجنة صابون الغار الدورية، الذي طرحت خلاله مجموعة من الصعوبات والمشكلات التي تعانيها هذه الحرفة، المشتركة مع عدد من الحرف التراثية بسبب الظروف الاقتصادية الحالية والعقوبات وغيرها، وبناء على كتاب المخرجات التي سترسله غرفة صناعة حلب إلى الأمانة سنعمل بالتعاون مع بقية الشركاء على تذليلها أو التخفيف منها سواء عبر الدعم أو الترويج أو تعزيز مفهوم هذه الحرف التراثية.

 الإبراهيم: “الأمانة” جاهزة لتلبية أي دعوة أو رغبة من المجتمع المحلي والعمل معه لإبراز التراث السوري.

وتضيف الإبراهيم: تعمل الأمانة السورية للتنمية بتشاركية كبيرة بين المجتمع المحلي وجهات أخرى حكومية وغير حكومية بصون الهوية التراثية الثقافية، لذا رغب حرفيو الغار من خلال حضور الأمانة اجتماعهم الاطلاع على خبرتها في المحافظة على التراث اللامادي والتراث السوري بشكل عام، وهذا يدلل على اتساع دائرة الإدراك لشرائح أكبر في المجتمع السوري لأهمية هذا التراث وكيفية الحفاظ عليه وصونه.

لائحة التراث العالمي
وعن رغبة حرفيي صابون الغار بإدراج صابون الغار الحلبي على لائحة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو وإجراءات الأمانة السورية للتنمية في تحقيق هذا الهدف أكدت الإبراهيم أن أحد الحرفيين سأل خلال الاجتماع معهم عن كيفية إيصال حرفتهم التراثية المشهورة إلى منظمة اليونسكو لتعريف المجتمعات الأخرى بها بغية إثبات وجود هذه الصناعة وعراقتها والمساهمة في انتشارها عالمياً، كما طرحت مشكلة التزوير والغش لحرفتهم، بعد قيام البعض ممن يشتغلون في صناعة الصابون داخلياً وخارجياً وبشكل أكبر خارجياً بتصدير منتجات صابون إلى دول أوروبية ودول أخرى باسم صابون الغار الحلبي، مستفيدين من شهرته وإن كانت الجودة لا تضاهي صابون حلب، وهذا يشكل عقبة وتحدياً كبيرين.
ومن أجل ذلك -والكلام لإبراهيم- أراد الحرفيون إدراج هذه الصناعة بمصابنها القديمة وحرفييها من أجل تعريف المجتمع الخارجي إليها، مضيفة: بناء على امتلاك الأمانة السورية للتنمية الخبرة الكافية لإعداد ملفات الترشيح وتحقيقها نجاحات متتالية بالتعاون مع المجتمع المحلي بإدراج الوردة الشامية عام 2019 ومسرح خيال الظل عام 2018 والقدود الحلبية في عام 2022 وأخيراً صناعة الأعواد الموسيقية والعزف عليها في بداية شهر كانون الأول الحالي أبدت الأمانة السورية للتنمية استعدادها لإبراز هذا التراث الإنساني، فالأمانة جاهزة لتلبية أي دعوة أو رغبة من المجتمع المحلي والعمل معه لإبراز التراث السوري.

الخطوة الأولى اتخذت
وبينت الإبراهيم أن الأمانة السورية للتنمية عرّفت حرفيي الغار بالآليات والخطوات المفروض اتباعها لإعداد ملف الترشيح لإدراجه في منظمة اليونسكو، وهذه العملية تأخذ وقتاً طويلاً بطبيعة الحال، ففي البداية يفترض العمل مع المجتمع الأهلي من الحرفيين حتى يكونوا جاهزين لإعطاء معلومات حول حرفتهم عبر إعداد عمل توثيقي تصويري، إضافة إلى الحصول على الموافقات من كل الحرفيين ليصار إلى إعداد ملف كامل وفق معايير منظمة اليونسكو، ليتم بعدها اتخاذ قرار من لجنة التحكيم بالإدراج، فالعملية كما قلنا طويلة وفيها الكثير من التفاصيل، لكن الخطوة الأولى بدأت من المجتمع المحلي، الذي طلب إدراج صابون الغار على لائحة التراث الإنساني العالمي.

جبيلي: سيؤدي ذلك إلى تفويت موسم الزيتون الوفير

وأشارت إلى إبداء الحرفيين والمسؤولين في غرفة صناعة حلب إعجابهم بطريقة العمل المحترفة وأعلنوا عن رغبتهم واستعدادهم للبدء في هذا المشروع، مشيرة إلى أن الأمانة حالياً في مراحل التخطيط حتى يصبح هناك توثيق لهذه الحرفة التراثية وإعداد ملف متكامل لإرساله إلى منظمة اليونسكو، مشددة على أن الأمانة تقدم كل الخدمات بما يخدم هذه التراث واتخاذ المطلوب لتقديم ملف إدراج صابون الغار الحلبي إلى منظمة اليونسكو بأقرب وقت.

إجراءات إسعافية
مشاكل حرفة صناعة صابون الغار الحلبي والقضايا التي طرحت في اجتماع غرفة صناعة حلب مع الأمانة السورية للتنمية تحدث عنها هشام جبيلي رئيس لجنة صناعة صابون الغار في غرفة صناعة حلب، الذي أكد لـ”تشرين” التأثر الكبير لصناعة صابون الغار بأزمة المحروقات لكونها حرفة موسمية، بحيث إذا لم تؤمن المحروقات لتشغيل المصابن، الذي لم يعد يعمل منها حالياً سوى ثلاثٍ سيؤدي ذلك إلى تفويت موسم الزيتون الوفير، لذا طلب حرفيو صناعة صابون الغار الدعم والمساندة من الأمانة السورية للتنمية للمساهمة في حلّ هذه الإشكالية كحل إسعافي قبل انتهاء الموسم، إضافة إلى المساندة بمنع توقيف الجمارك لزيت الزيتون المخصص لصناعة صابون الغار، لكونه غير مهرب، مشيراً إلى أن المساهمة في حلّ مشكلات صناعة صابون الغار تسهم في تخفيض أسعاره على المستهلك وتدعم حركة تصديره إلى الأسواق الخارجية، على نحو يؤمن القطع الأجنبي للخزينة، ويزيد من منافسته خارجياً وتحديداً في سوق العراق، الذي يعد السوق الرئيس للمنتج المحلي.

طلب عون “الأمانة”
وأشار جبيلي إلى أن نقطة مهمة أخرى طرحت في الاجتماع تمثلت بمطالبة الحرفيين بإدراج صناعة صابون الغار الحلبي على لائحة التراث الإنساني العالمي كالوردة الشامية، لكونه منتجاً تراثياً يحمل اسم مدينة حلب ويضمن في الوقت ذاته المحافظة عليه وحمايته من الغش والتزوير، وقد بدئ العمل على هذا الموضوع المهم منذ 3 أشهر، وطلبنا مساعدة ودعم الأمانة نظراً لخبرتها الكبيرة في هذا المجال، وقد أبدت الأمانة تجاوباً راقياً وتعاوناً إيجابياً لإنجاز هذا الهدف المهم.

وقد خلص الاجتماع إلى تشكيل لجنة من حرفيي وصناعيي الغار للعمل في هذا السياق مع إعداد كتاب بالمشاكل والصعوبات التي تواجه صناعة صابون الغار الحلبي، ورغبة صناعيي الغار عبر غرفة الصناعة في إدراج حرفتهم على لائحة التراث الإنساني العالمي.

تعاون إيجابي
تعاون غرفة صناعة دمشق مع نظيرتها في حلب بدا واضحاً من خلال مساعدة حرفيي صابون الغار على متابعة مطالبهم وحلّ المشكلات التي تواجه صناعة صابون الغار مع المعنيين وخاصة بعد ما حدّت أزمة المحروقات من تحركات صناعيي حلب بسبب عدم توفر البنزين والمازوت وارتفاع أسعارهما على نحو كبير في السوق السوداء، بحيث أصبح السفر إلى العاصمة دمشق مكلفاً.
وقد تواصلت “تشرين” مع الصناعي محمود مفتي عضو في غرفة صناعة دمشق الذي يتابع ملف صناعة صابون الغار كنوع من التعاون الإيجابي بين الغرفتين، حيث يؤكد أن طلبات حرفيي صابون الغار إلى الجهات المعنية، تركزت على منح كامل مخصصات المصابن من حوامل الطاقة وتأمينها بأسرع وقت ممكن وخاصة أن هذه الحرفة موسمية، فمن الضروري التركيز في هذه الفترة على المعاصر والمصابن، ودعم الإنتاج الزراعي.

مفتي: مطالب صناعيي صابون الغار وصلت إلى الجهات المعنية

فاليوم من نتاج موسم الزيتون الوفير ينتج زيت وفحم، يستخدم للتدفئة والزيت لصناعة صابون الغار.

إجراءات مستعجلة
وشدد مفتي على ضرورة الاهتمام بصناعة صابون الغار الحلبي، الذي يعدّ منتجاً محلياً إستراتيجياً وصل إلى العالمية بسبب جودته ومواصفاته الطبيعية، بالتالي يحتاج بصورة مستعجلة للدعم من أجل تشغيل المصابن بطاقاته الكلية وضمان تصديره إلى أسواقه وتوفير القطع الأجنبي للخزينة، وهذا يتطلب قرارات إسعافية فورية لإنقاذ صناعة صابون الغار ومنع تفويت موسم الزيتون الوفير، مع العمل على دعم هذه الصناعة التراثية المهمة والحفاظ عليها وصونها محلياً وحمايتها من الغش والتزوير.
ولفت مفتي إلى أنّ مطالب صناعيي صابون الغار وصلت إلى الجهات المعنية، علماً أن وزارة الصناعة من أشد الداعمين لهذه الحرفة، لكن الظروف الصعبة أثرت في جميع الصناعات، ورغم ذلك يُعمل ضمن الإمكانات المتاحة على تأمين مستلزمات هذه الحرفة والمساهمة في تشغيل المصابن وعودتها إلى دائرة الإنتاج.
ت-صهيب عمراية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار