قدرها الانزواء

ثمة من يرى أن المشهد التشكيلي؛ يُشكّل ما نسبته سبعون في المئة من مساحة الثقافة السورية، غير أن المتأمل سيجد أن سمة هذا الإبداع كان في نخبويته، أي إنه لم يستطع أن يصبح فناً جماهيرياً رغم الكثير من النيات الطيبة لجعله كذلك، وهنا نُذكّر بمحاولات بعض الفنانين “النزول” به، وعرضه في أماكن تضعه وجهاً لوجه مع متلقٍ مُحتمل، مثل العرض في محطات القطارات والحدائق والمقاهي وغير ذلك. لكن كل تلك المحاولات لم تحدث أكثر من “جلبة” غيّرت قليلاً في اعتيادية المكان وحسب.
هذا الانزواء للفنون الجميلة؛ ثمة من وضعه بتقصير النقد الموازي له، أو أحد أسباب انغلاقه.. هذا التقصير الذي ظهر في مستويين: ندرة من يكتبون في النقد التشكيلي الذي لم يكن كافياً ليُغطي تراكم هذا النوع من الإبداع، سواء بشكله المُعاصر، أو بالفنون السورية القديمة التي شكلت إرهاصات الحركة التشكيلية الحديثة، والمستوى الثاني؛ تمثّل بفوضى النقد ودخول الكثير من الأدعياء للتخويض فيه؛ الأمر الذي زاد في “الأميّة البصرية” وبقيت الفنون الجميلة على تنوعها معزولة ومنكفئة، وهذا ما زاد في الإلحاح على اتحاد الفنانين التشكيليين لتأسيس جمعية النقد كإحدى جمعياته الكثيرة تُنظم عمل النقد، وهكذا بعد طول انتظارٍ وتردد يُقرر الاتحاد العتيد إنشاء مثل هذه الجمعية التي مرّ على تأسيها ما يُقارب سنتين، غير أن الخيبة اليوم تُماثل حجم الأمنيات التي صرّح بها القائمون على هذه الجمعية حين انتخابهم، جمعية تبدو كأنها غير موجودة.. فالشهور تمر، ولم يتغير من المشهد شيء، وفي مختلف الفنون الجميلة التي كان على النقد أن يُقربها من المتلقي.
وهذا الناقد أديب مخزوم أحد المؤسسين لهذه الجمعية يقول: منذ البداية كنت غير متفائل بهذا الجمعية، لأنها قد تُساهم، مثل غيرها، بخلط الأوراق، إلى حدّ مخيف، ولقد ظهرت دلائل ومؤشرات هذا الخلط، منذ اللحظات الأولى، حين كان البعض يطرحون أسماء، لا علاقة لها بالنقد التشكيلي، فهناك أسماء فاعلة ومهمة، غابت بسبب الهجرة أو بشكلٍ غير مقصود، وبعضها أفضل بكثير، من بعض أعضاء الجمعية اليوم.‏
هامش:
على الأسطحة، وفي الحقول؛
تهترئُ فزاعةُ الطيور، بوحشة وحدتها،
وعلى وقع المرارة، والخذلان
كانتْ سخريُة الآخرين تأكلُ وجهَها.
اليومَ فقط
تأكدت أنها خُدعت بـ”جودة” العود
الذي يلبس!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار