الأيديولوجية النازية.. «فوج آزوف» نسخة أوروبية لـ«داعش» الإر*ها*بي

أمين الدريوسي:

لأكثر من عقدين من الزمن وبما يقدر بتريليونات الدولارات، سوّقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لفكرة قتال التنظيمات الإر*ها*بية في الشرق الأوسط، التي كانت آخرها في سورية والعراق، حتى أصبحت هذه المنطقة مرتبطة- نتيجة ترويج وسائل الإعلام العالمية لها- بما بات يعرف بـ «الفكر المتطرف»، الذي نتج عنه في تلك المجتمعات التي تسكن النصف الآخر من الكرة الأرضية «الإسلاموفوبيا»، وإذا ما أردنا عدم خوض النقاش بشأن منبع التأسيس لمثل هذه الجماعات، الذي ستنتهي كل الطرق فيه إلى أروقة البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات البريطانية والغربية، فإن ما كشفته العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أن «داعش آخر» يقطن تلك البقعة ويتلقى التدريب والتمويل حتى تم إلحاقه بالجيش الأوكراني رسمياً كإحدى الوحدات المنظمة وهو ما يطلق عليه اسم «فوج آزوف».
كان من أبرز أهداف العملية العسكرية التي أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو «نزع النازية من أوكرانيا»، ولم يستغرق الأمر كثيراً من الوقت حتى ظهر المعنيون بشكل واضح في الشوارع وعلى وسائل الإعلام، حيث نشر «الحرس الوطني الأوكراني» شريطاً مسجلاً يظهر مقاتلي «آزوف» وهم يكسون رصاصهم بدهن الخنزير ..ومعروف ما هي الدلالة من وراء ذلك .
ويعد «فوج آزوف» وحدة عسكرية يمينية متطرفة تتألف من مقاتلين متطوعين متطرفين يؤمنون بالنازية وأيديولوجية تفوق العرق الأبيض، وتتكون كتيبة المشاة هذه بما يقدر بـ 900 عنصر.
وبدأت هذه المجموعة عملها في أيار عام 2014، وتشكلت من مجموعة من عصابة «باتريوت أوكرانيا» القومية المتطرفة، إضافة للجمعية الوطنية النازية الجديدة التي تسمى «SNA»، حيث انخرطت كلتا المجموعتين تحت لواء معاداة “الأجانب”.
وكانت أولى العمليات التي قامت بها، القتال على الخطوط الأمامية ضد المدنيين في دونيتسك الموالين لروسيا ، والتي قام الرئيس بوتين قبل بدء العملية العسكرية بالاعتراف باستقلالها.
بعد عدة أشهر من السيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية كان لهذه الوحدة دور كبير ، وتم دمجها رسمياً في الحرس الوطني الأوكراني في 12 تشرين الثاني عام 2014. وقتها أشاد الرئيس الأوكراني آنذاك بترو بوروشينكو بالقول: «آزوف.. هؤلاء هم أفضل محاربينا.. أفضل متطوعينا».
وأسس هذه الوحدة أندريه بيلتسكي حيث تولى قيادة كل من المجموعتين المتطرفتين «باتريوت أوكرانيا التي تأسست عام 2005» وSNA تأسست عام 2008، والذي كان قد أعلن عام 2010 أن الهدف الوطني لأوكرانيا هو «قيادة السباقات البيضاء في العالم في حرب صليبية نهائية ضد الساميين».
وتم انتخابه نائباً في البرلمان عام 2014 وظل في المنصب نفسه حتى عام 2019، كما أسس حزب «الفيلق الوطني» اليميني المتطرف في تشرين الأول عام 2016 الذي تشكلت قاعدته الأساسية من قدامى المحاربين في آزوف.
ومع إدراك الحكومة أن الجيش الأوكراني أضعف من أن يقاتل الانفصاليين لهذا اعتمد بشكل مباشر على هذه المجموعات وتلقت دعماً مباشراً من وزير الداخلية منذ عام 2014، كما تلقت دعماً من عدد من الشخصيات الأولغارشية مثل سيرهي تاروتا حاكم منطقة دونيتسك والملياردير في مجال الطاقة إيغور كولومويسكي الذي قام أيضاً بتمويل عدد من المجموعات العسكرية الأخرى مثل «دنيبرو1 ودنيبرو 2 وأيدار ودونباس».
ورغم نفي الوحدة التزامها التام بالأيديولوجية النازية، إلا أن المتحدث باسم «آزوف» صرح عام 2015 بأن «10 إلى 20 في المئة من المقاتلين هم من النازيين»، إضافة إلى أن الرموز النازية تظهر بشكل علني في نشاطاتها وعملياتها العسكرية مثل الصليب المعقوف المرسوم على بدلاتهم العسكرية وأجساد أغلب الأعضاء، ويحمل الزي الرسمي الخاص بهم شعار Wolfsangel الذي يشبه الصليب المعقوف بلون أسود على خلفية صفراء.
وارتبط اسم هذا الفوج بانتهاكات حقوق الإنسان وقتل المدنيين، منذ انطلاقته، وتحت شعارات وأهداف من قبيل “استعادة النظام في كييف و«طرد المؤيدين لروسيا» ارتكبت هذه الوحدة مجازر عدة أوصلت عدداً من الدول الغربية لاعتبارها منظمة إر*ها*بية إلّا أن الضغط الأميركي حال دون إقرار هذا القرار.
وفي عام 2019، وبعدما وصلت الانتهاكات وجرائم القتل والتعذيب إلى مستويات مرتفعة وأرقام لم يعد من السهل استبعادها عن الإعلام، نشرت مجلة The Nation «الأمة» التي تصدر من الولايات المتحدة مقالاً جاء فيه «أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها تشكيل للنازيين الجدد في قواتها المسلحة»، مشيرة إلى جملة من الجرائم التي قامت بها هذه الوحدة.

وفي خريف عام 2014، تم دمج فوج «آزوف» المتهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، في الحرس الوطني الأوكراني.
وفي عام 2017 أثبتت مجموعة الأبحاث Bellingcat أن «آزوف» قد حصل بالفعل على قاذفات القنابل الأمريكية، ونشر «آزوف» نفسه بفخر مقطع فيديو للوحدة ترحب بممثلي حلف شمال الأطلسي «ناتو».
وفي كانون الثاني 2018، أطلق «فوج آزوف» وحدة دوريات الشوارع الوطنية Druzhina التي أقسم أعضاؤها على الولاء الشخصي لشركة Biletsky وتعهدوا بـ«إعادة النظام الأوكراني» إلى الشوارع، وقاموا بسرعة بتنفيذ مذابح ضد منظمات الغجر واقتحام المجالس البلدية والرسمية.
كما اعتبرت الصحيفة أن ما يثير القلق أن «الوحدة قامت بتجنيد النازيين الجدد من ألمانيا والمملكة المتحدة والبرازيل والسويد والولايات المتحدة».
من جهتها، ذكرت صحيفة «الغارديان» في 27 آب 2018 في مقال لها تحت عنوان «أرادوا قتلنا.. الفاشيون الجدد المقنّعون يبثون الخوف في الغجر الأوكراني»، أن «موجة قتل ومذابح اجتاحت أوكرانيا.. بلطجية مسلحون يهاجمون النساء والأطفال أثناء تدميرهم لمعسكراتهم، قُتل رجل واحد على الأقل، وطعن آخرون، بينهم طفل»، مؤكدة أن منفذي العملية يشعرون بالراحة النفسية الكافية لنشر المقاطع المصورة التي توثق المذابح.
وخلال السنوات الماضية، قتلت القوات الأوكرانية وبمشاركة خاصة من وحدة «آزوف» حوالي 15000 مواطن في دونتيسك، عدد كبير منهم من الأطفال، واللافت أن القوات الروسية بعد أسرها عدداً من الجنود الأوكرانيين خلال العملية العسكرية، استقدمتهم إلى النصب التذكاري للضحايا ليقدموا لهم التحية والغفران.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار