الاحتجاجات الطلابية العالمية المناصرة لفلسطين.. كعب أخيل الغرب
تتواصل الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية على امتداد البلاد، بما في ذلك جامعات ييل وتكساس وهارفرد وكولومبيا ونيويورك وجورجياتون و إيمرسون وجنوب كاليفورنيا احتجاجاً على المجازر الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أهالي قطاع غزة. واتسع نطاق هذه الاحتجاجات إلى جامعات أوروبية من 26 نيسان بما في ذلك باريس.
وتشارك 300 كلية على الأقل في العالم و80 جامعة أمريكية في دول مختلفة في هذه الاحتجاجات، يحاول الأمريكيون قمع هذه الاحتجاجات باستخدام 4 أدوات تكنولوجية وتعليمية وعسكرية واقتصادية، إلاّ أن حركة الاحتجاجات باتت ككرة ثلج تزداد حجماً يوماً بعد يوم، ويقف مسؤولو الجامعات في الولايات المتحدة أمام تحديات جمّة لا تبشّر بخير، حيث شنّت الشرطة حملة اعتقالات واسعة خلال الأيام الأخيرة في الجامعات الأمريكية، وهو أمر قوبل بحنق شعبي أمريكي وعالمي.
ولم تقف الحملة القمعية للشرطة الامريكية عند هذا الحدّ بل لم تتسامح في كثير من الأحيان مع صوت الاحتجاج السلمي والمندّد بجرائم الإسرائيليين في غزة، وفي كثير من الأوقات استخدمت قوات الشرطة المواد الكيمياوية والصواعق الكهربائية لتفريق المتظاهرين، ولكن على الرغم من حملة «اللوبي الصهيوني» المُتعنّت خلال السنوات الماضية لتبييض وجه «إسرائيل»، إلاّ أن الطلاب من أبناء «الجيل الجديد» مُدركون ومتيقّنون للوجه الحقيقي لـ«إسرائيل»، ولم يعد بالإمكان إقناعهم بالرواية الصهيونية.
وفيما تمتد موجة الاحتجاجات ضد العدوان الإسرائيلي على غزة في جميع أنحاء الجامعات الأمريكية كالنار في الهشيم، تمسّك الطلبة المُحتجون بأحد أبرز مطالبهم لوقف حراكهم وهو عدم وجود استثمارات لجامعاتهم في «إسرائيل»، وأصدرت اللجان الطلابية التابعة لبعض الجامعات الأمريكية بيانات تدعو فيها إدارة جامعاتها لوقف الاستثمار في الأراضي المحتلة، إلاّ أنه في إحدى الجامعات على سبيل المثال، قابل رئيس الجامعة سیلویا بورول هذا الأمر بالرفض القاطع.
لكن أهم ما في الانتفاضة الطلابية في الغرب هو صحوة الطلبة الشباب، والمعارضة الفكرية والعملية ومواجهة سياسات الولايات المتحدة بإصرار، ورفض توفير الخدمات والنفقات الضخمة للصهاينة، علاوة على خنوع السياسيين الأمريكيين للإسرائيليين.
في السياق، قال خالد الجندي الخبير الاستراتيجي بمعهد الشرق الأوسط، أن قرار واشنطن المتمثل بإرسال أسلحة إلى «إسرائيل» لا رجعة فيه، وشحنة الأسلحة الأخيرة التي أرسلتها واشنطن الى «تل أبيب» جاءت بعد الهجوم الإيراني الكبير بـ 300 صاروخ ومسيّرات في 13 نيسان، إلاّ أن الجندي أوضح أن حزمة المساعدة الأمريكية فضحت حجم «الفجوة الكبيرة» بين الديمقراطيين في الكونغرس والرأي العام في البلاد، وتجلّى هذا الأمر بالفعل في الكليات في جميع أنحاء البلاد.
كما حذّرت تيارات الحريات المدنية مسؤولي الجامعات من قمع «حرية التعبير» في القضايا السياسية، وفي أمريكا التي تدعي حرية التعبير وحقوق المواطنة، ورغم عدم وجود أي حظر قانوني للاعتصام في قوانين هذه الدولة، فإن الاعتداء على المواطنين واعتقالهم يعتبر انتهاكاً للقوانين المحلية، وهو عمل غير مُبرّر وينتهك قوانين حقوق الإنسان.
في أمريكا هناك 5 مستويات للتعامل مع الأزمة الماثلة، في البداية وكخطوة أولى يتم «الزجّ» بالشرطة المحلية، في حين تتمثل الخطوة الثانية في الزجّ بالشرطة الهيكلية، وفي الخطوة الثالثة يتم نشر شرطة الولاية، وفي الخطوة الرابعة تُنشر قوات الحرس الوطني، وفي الخطوة الخامسة ينخرط الجيش في الأزمة، ومن المثير للاهتمام أن الحكومة الأمريكية نشرت الحرس الوطني للتعامل مع الشباب العزل، وليس الجماعات الإرهابية أو المتمردة، وهو ما يُظهر أن السلطات وأجهزة المخابرات والأمن في أمريكا تعيش حالة مُزرية من التخبط، وهي في خضمّ صدمة مدوية، على غرار تلك الصدمة التي تعرّضت لها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية إثر عملية 7 تشرين الأول في فلسطين المحتلة.
قبل التطورات الأخيرة كان الدفاع عن «إسرائيل» له قيمة في أمريكا لكن الدفاع عن هذا الكيان اليوم في هذا البلد بات أمراً منبوذاً ومكروهاً ومُكلّفاً، ودماء أهل غزة المظلومين تسببت بصحوة الشعوب الغربية في أمريكا وأوروبا. ويمكننا أن نقول إن الشعب الأمريكي يدفع ثمناً باهظاً لكلماته العادلة ودعمه الإنساني.
هناك أناس في أمريكا يعارضون «إسرائيل» تم فصلهم من وظائفهم تحت ذريعة قانون معاداة السامية، ولكن على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة في أمريكا فقد ظلوا ثابتين على وجهات نظرهم، كما قامت الجامعات الأمريكية بفصل الطلاب المعتصمين، وإجبارهم على دفع ما بين 90 ألفاً إلى 300 ألف دولار لوحداتهم، إلاّ أنهم لم يتخلوا عن قضيتهم وموقفهم الإنساني، وأكدوا على صحة وجهة نظرهم.
لن ينسى التاريخ هؤلاء الشرفاء المُناضلين في مهد الاختناق الإعلامي والدعاية الواسعة للّوبيات الصهيونية.
ويجب على الطلاب المسلمين وخاصة في الدول العربية أن يحاولوا الإستفادة من موجة الصحوة هذه ودعم إخوانهم وأخواتهم المسلمين المضطهدين في فلسطين إلى جانب أقرانهم في الدول العربية.